قال: وكانوا يرون أن أفجر الفجور؛ العمرة في أشهر الحج. تقول قريش وغيرها من العرب: لا تحضروا سوق عكاظ ومجنة وذي المجاز إلا محرمين بالحج (٢). وكانوا يعظمون أن يأتوا شيئا من المحارم أو يعدو بعضهم على بعض في الأشهر الحرم وفي الحرم. وإنما سمي الفجار: لما صنع فيه من الفجور، وسفك فيه من الدماء، فكانوا يأمنون في [الأشهر](٣) الحرم وفي الحرم.
وكانوا يقولون: إذا برأ (٤) الدبر، وعفا الوبر، ودخل صفر، حلت العمرة لمن
اعتمر.
يعنون: إذا برأ دبر الإبل التي كانوا عليها شهدوا (٥) الموسم وحجوا عليها، وعفا وبرها، فقال رسول الله ﷺ في الإسلام:«دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة»، فاعتمر رسول الله ﷺ عمره كلها في ذي القعدة: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء من قابل، وعمرته من الجعرانة، كلها في ذي القعدة. وأرسل عائشة مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر ليلة الحصبة، فاعتمرت (٦) من التنعيم.
قال: وكان من سنتهم أن الرجل يحدث الحدث؛ يقتل الرجل، أو يلطمه، أو يضربه، فيربط الحاء من لحاء الحرم قلادة في رقبته، ويقول: أنا صرورة، [فيقال](٧): دعوا الصرورة بجهله، وإن رمي بجعره في رجله فلا يعرض له أحد. فقال النبي:«لا ضرورة في الإسلام، وإن من أحدث أخذ بحدثه».
(١) شفاء الغرام (٢/ ٤٧٦ - ٤٧٧). (٢) إتحاف الورى (١/ ٥٨٩). (٣) في أ: أشهر. (٤) في ب: أدبر. (٥) في ب، ج: شهدوا بها. (٦) في ب: فاعتمرة. (٧) في أ: فقال له.