وقابَلْتُ ما وافَى به مِن تَحِيَّةٍ … بما شئتَ منِ أهلٍ وسَهْلٍ ومَرْحَبِ
وأمَّلْتُ منه أن يُسَكِّنَ لوْعَتِي … فهَيَّج بَلْبالِي وزاد تَلَهُّبِي
ومنها أيضا:
أأحْبابَ قلبِي والذين أودُّهمْ … وأشْتاقُهم في كلِّ صُبْحٍ وغَيْهَبِ
بغيرِ اخْتيارِي فاعْلَموا أو إرادَتي … نَزَلْتُ على حُكم القِلَى والتَّجَنُّبِ
رَحَلْتُ بقلبٍ عنكم غيرَ راحِلٍ … وعِشْتُ بعَيْشٍ بعدَكم غيرَ عائب (١)
لقد فَلَّ عَزْمي غُربَتِي عن بلادكم … وأجْرَى دُموعَ العَيْنِ مِنِّي تَغَرُّبيِ
وما زلتُ أصْفِيكُم على القُرب والنَّوى … هَواكُم وأُرْضِيكم بعلم المغَيَّب (٢)
فلا تَحْسَبوا أنَّى تَسَلَّيْتُ عنكم … فما العُذْرُ من شأني ولا الغَدْرُ مَذْهَبي (٣)
ومنها أيضا:
سَعَيْتُ لكم سَعْيَ الكريم لأهْلِه … وما كلُّ ساعٍ في الأنام يمُنْجِبِ
لَعَمْرِي لقد أبْلَغْتُ نفسِيَ عُذْرَها … وإن كنتُ لم أظْفَرْ بغايةِ مَطْلَبِي
وصاحَبْتُ أيَّامي على السُّخْط والرِّضَى … بعَزْمَة مَصقول الغِرارَيْن مَقْضَبِ
ومنها أيضا:
سَقَى حَلَبًا جَوْدُ الغَوادِي وجادَها … وحَيَّى ثَراها بالحَيا المتَحَلِّب
بكلُّ مُلِثِّ وَدْقُه غيرُ مُقْلِعٍ … وكلِّ مُلِبّ بَرْقُه غيرُ خُلَّبِ (٤)
منها أيضا:
وقد كنتُ قبلَ اليومِ جَلْدًا على النَّوَى … فهَدَّ الأسَى رُكْنِي وضَعْضَعَ مَنْكِبيِ
فما وَجْدُ مِقْلاتِ تُذَكَّرُ بالضُّحَى … طَلاها ولا وَحْشِيَّةٍ أُمِّ تَوْلَبِ (٥)
(١) في الخريدة "غير طيب"، وهو أصح.
(٢) في الخريدة "وأرضاكم بظهر المغيب".
(٣) في الخريدة "في الهجر من شأني".
(٤) اللث: دوام المطر، والملب: اللازم المقيم.
(٥) المقلات: قليلة الولد، والتولب: الجحش.