قال شقيق: خرجتُ من ثلاثمائة ألف درهم، ولبستْ الصُّوف عشرين سنة، وأنا لا أعلم، حتى لقيتُ عبد العزيز بن أبي روّاد، فقال لي: يا شقيق، ليس الشأنُ في لبس الصُّوف، وأكْلِ خبزِ الشعير، أنما الشأنُ في المعرفة، وأن تعبدَ الله ولا تشركَه شيئا. فقلتُ: فسِّر لي هذا. فقال: يكونُ جميعُ ما تعمله خالصا لله تعالى، ثم تلا:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا … } الآية (١). وتكون بما في يد الله أوْثَقَ منك بما في أيْدي المخلوقين، ثم يكون الإخلاص منك في جميع ما تعملُه لله تعالى.
وقال شَقيق: قرأت القرآن عشرين سنة، حتى مَيَّزْتُ الدنيا من الآخرة، فأصَبْتُه في حرفين، وهما في قوله تعالى:{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}(٢).
ومحاسن شقيق وفضائله ومناقبه تتجاوز حدَّ الحَصْر، وهي مُتَحَمِّلةٌ لأن تُفْرَدَ بتأليف مستقلِّ، وفي هذا القدْر كفاية.
مات، رحمه الله تعالى شهيدا سنة أربع وتسعين ومائة.
* * *
٢٢٤٤ - الشيخ الفاضل شَقيق بن عليّ بن إبراهيم الجُرْجانيّ*.
(١) سورة الكهف ١١٠. (٢) سورة الشورى ٣٦. * راجع: الطَّبَقات السَّنِيَّة ٤: ٧٥، ٧٦. وترجمته في الجواهر المضية برقم ٦٤٨.