ومن هنا جاءت فكرة جمع مهمات هذه المسائل في كتاب يكون برزخاً بين الطول الممل والإيجاز المخلّ؛ ليعين طالب العلم المبتدئ على ولوج هذا الباب من أبواب علم الشريعة.
وأحسب أن مادة هذا الكتاب مناسبة لمن أراد الاستعانة بها في وضع منهج مختصر في كتاب الطهارة للطلاب من ذوي التخصصات غير الشرعية، كما أنه يمكن الاستفادة منها في إقامة دورة قصيرة في هذا الموضوع في حدود أربعة أيام أو خمسة.
[وقد طُبع من هذا الكتاب أوّلَ ما طبع أكثرُ من ثمانين ألف نسخة نفدت جميعها بفضل الله تعالى، وكان ذلك قبل ما يقارب خمسة عشر عاما، فرأيت إعادة طباعته لعلّ الله أن ينفع به.
وكنت عرضت هذا الكتاب بعد فراغي منه على سماحة والدنا الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين أسكنه الله فسيح جناته وأسبغ عليه شآبيب رحماته ليراجعه ويقدّم له ويعلق عليه بما يرى، وقد فعل جزاه الله عني خيرا، وطلبت منه حينها أن يبدي رأيه في كل مسألة يرى خلافها على أن أثبت رأيه كما هو في هامش الكتاب ليستفيد منه القارئ، وكان ذلك كذلك في تلك الطبعة غير أن بعض الأفاضل من طلبة العلم راجعوني في ذلك واقترحوا عليّ استبعاد تلك الآراء المخالفة لما في الكتاب لا زهداً فيها وإنما حرصا على عدم تشتيت القارئ خاصة ممن هو في بداية الطلب. وقد أخذت بهذا المقترح في هذه الطبعة [*] بعد طول تفكير، ولعل في الأمر خيرا إن شاء الله].
وجملة ما صنعته في هذا الكتاب يمكن حصرُه في النقاط التالية:
أولاً: ذكرت ما يزيد على مئة وعشرين مسألة من مسائل الطهارة موزعة على عشرة أبواب وهي: (المياه، الآنية، إزالة النجاسة، الوضوء، المسح على الخفين، نواقض الوضوء، آداب قضاء الحاجة، الغُسل، التيمم، الحيض والاستحاضة والنفاس).
وقد حرصت على صياغة هذه المسائل صياغةً موجزة تجمع أطراف كل مسألة بأسلوب يسير بعيد عن التفريعات والتفصيلات الفقهية.
ثانياً: أشرتُ في الغالب بعد كل مسألة إلى مَنْ قال بها من الأئمة الأربعة ومن اختارها من أكابر الفقهاء المتأخرين كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ثم أتبعتُ ذلك بذكر واحدٍ ممن اختارها من أعلام العلماء المعاصرين في الجزيرة العربية كالشيخ محمد بن إبراهيم والسعدي وابن باز وابن عثيمين [رحم الله الجميع].
[*] تعليق المكتبة الشاملة: وذلك في هذه النسخة الإلكترونية (انتُقى فيها من تعليقات الشيخ ابن جبرين ﵀ ما لا يخالف ما في الكتاب؛ لعدم تشتيت القارئ)، أما المطبوع (ط طيبة)، ففيه جميع تعليقات الشيخ ﵀. ونذكر مثالا للإيضاح: ورد في الكتاب (ص ٤٢): «. . . وعلى هذا فلا يلزم لُبْسها (أي العمامة) على طهارة مائية كالخف، والقياس على الخف يحتاج إلى دليل» فجاء في الهامش ما نصه: علق الشيخ ابن جبرين بقلمه بعد هذا الموضع فقال: «لكن الأصل أنها كالخف». فلعل مثل هذا هو المقصود من تشتيت القارئ: «والقياس على الخف يحتاج إلى دليل» - «الأصل أنها كالخف»