للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وعن أنس بن مالك عن النبي قال: «كل نبي سأل سؤلا، أو قال لكل نبي دعوة قد دعا بها فاستجيب، فجعلت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة». (١)

• وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة (٢)، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع


(١) أخرجه البخاري رقم (٥٩٤٦) ٥/ ٢٣٢٣، ومسلم رقم (٢٠٠) ١/ ١٩٠.
(٢) وقال النووي: "قوله : «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع».
قال الهروي: «السيد»: هو الذي يفوق قومه في الخير.
وقال غيره: هو الذي يفزع إليه في النوائب والشدائد فيقوم بأمرهم ويتحمل عنهم مكارههم ويدفعها عنهم.
وأما قوله يوم القيامة-مع أنه سيدهم في الدنيا والآخرة-فسبب التقييد أن في يوم القيامة يظهر سؤدده لكل أحد ولا يبقى ممانع ولا معاند ونحوه، بخلاف الدنيا فقد نازعه ذلك فيها ملوك الكفار وزعماء المشركين وهذا التقييد قريب من معنى قوله تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر الآية: ١٦]، مع أن الملك له سبحانه قبل ذلك لكن كان في الدنيا من يدعى الملك أو من يضاف إليه مجازا فانقطع كل ذلك في الآخرة.
قال العلماء وقوله: «أنا سيد ولد آدم» لم يقله فخراً بل صرح بنفي الفخر في غير مسلم في الحديث المشهور: «أنا سيد ولد أدم ولا فخر»، وإنما قاله لوجهين:
أحدهما: امتثال قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى الآية: ١١].
والثاني: أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه ويوقروه بما تقتضي مرتبته كما أمرهم الله تعالى. وهذا الحديث دليل لتفضيله على الخلق كلهم لأن مذهب أهل السنة أن الآدميين أفضل من الملائكة، وهو أفضل الآدميين وغيرهم.
وأما الحديث الآخر «لا تفضلوا بين الأنبياء» فجوابه من خمسة أوجه:
أحدهما: أنه قاله قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم فلما علم أخبر به.
والثاني: قاله أدبا وتواضعا.
والثالث: أن النهي إنما هو عن تفضيل يؤدي إلى تنقيص المفضول.
والرابع: إنما نهي عن تفضيل يؤدي إلى الخصومة والفتنة كما هو المشهور في سبب الحديث.
والخامس: أن النهي مختص بالتفضيل في نفس النبوة فلا تفاضل فيها، وإنما التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى.
ولا بد من اعتقاد التفضيل فقد قال الله تعالي: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة الآية: ٢٥٣] ". (شرح النووي على صحيح مسلم ١٥/ ٣٧ - ٣٨).

<<  <   >  >>