وانتخبه (١)، فإن انضم إليهما «الخطب الأربعون»(٢) التي زيفها النقاد أجمعون، فذلك أمثلهم طريقة وأعلمهم في الحقيقة، فإن اشرأبت همته إلى (خطبة الوداع) تسمى بالواعظ الناصح، وتلقب بالداع الواع، قد خبطوا خبط عشواء، وحملوا على يابس السيساء (٣)، ولولا تجلي الغاب (٤) من أسامة أبي الشبلين (٥) لما ضبح (٦) به ثعالة أبو الحصين (٧) ارتدى برداء الردى (٨) من كان ينضح (٩) عن حمى الحديث، وابتلي ببلاء البلى من كان يغيث أهليه أو يغيث (١٠).
جرت الرياح على مكان ديارهم … فكأنهم كانوا على ميعاد (١١)
(١) في (ق) و (هـ): أو انتخبه. أي: أخرج ما اختاره منه. (٢) وهي المعروفة ب «الودعانية» جمعها القاضي، أبو نصر محمد بن علي بن عبيد الله بن ودعان الحاكم، الموصلي، (ت: ٥٩٤ هـ). قال السلفي: قرأت عليه «الأربعين» جمعه، ثم تبين لي حين تصفحت كتابه تخليط عظيم يدل على كذبه، وتركيبه الأسانيد على المتون. انظر: «سير أعلام النبلاء» (١٩/ ١٦٤)، و «كشف الظنون» (١/ ٧١٥). (٣) عظم الظهر، شبههم براكب الظهر النحيف؛ لأن من ركبه لا يستقر في مكانه، ولا يستريح فكذا هم لا يثبتون في كلامهم لصدروه منهم بغير روية. (٤) جمع غابة، وهي موضع يسكن فيه الوحوش ويستتر بأشجاره. (٥) علم جنس على الأسد. (٦) صوت. (٧) علم جنس على الثعلب. (٨) أي: الهلاك. (٩) أي: يدفع. (١٠) يغيث: أي: أصابهم. أهليه: أي: أهل الحديث. يغيث: أي: يروم. (١١) البيت للأسود بن يعفر النهشلي. انظر: «الحماسة المغربية» (٢/ ١٤٠١).