حمدا لله على ما أولى من سوابغ نعمه المتواترة، وشكرا لما أسدى من آلائه الباطنة والظاهرة، وصلاة وسلاما على سيدنا محمد المؤيد بالآيات والمعجزات الباهرة، المختص بجوامع الكلم وبدائع الحكم الجمة المتكاثرة، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان في الدنيا والآخرة.
أما بعد:
فإن أحسن الحديث كتاب الله العظيم، وخير الهدي هدي محمد عليه أفضل الصلاة وأشرف التسليم، ولقد وفق الله - وله الحمد - في كل عصر طائفة يتفقهون في الدين، ويقتفون آثار سيد المرسلين، بيد أنهم الآن أقل من القليل لا يكادون يوجدون، ولكن لا يزالون كذلك خلفا عن سلف، وجيلا بعد جيل، وحينا بعد حين، كما أخبر به الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فقال صلى الله وسلم عليه وزاده فضلا وشرفا لديه:«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون». وهذا علم من أعلام نبوته الظاهرة الباقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين (١).