وذكر أيضاً: بأن الصغائر قد تقع من الأنبياء، قال تعالى:(وَعَصَى آدَمُ رَبهُ فَغَوَى)(١) .
وأخبر عن موسى لما قتل الرجل (هَذَا مِن عَملِ الشَّيْطَانِ)(٢) .
وكذلك ما وجد من إخوة يوسف، ومن داود، وإذا ثبت وقوع الخطأ منهم، لم يجب علينا احتذاء أفعالهم.
والجواب: أنا قد بينا أنه إنما يجب ما كان على سبيل القربه والطاعة.
واحتج من قال: إنها على الوقف:
بأنا لا نعلم على أي وجه فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويحتمل أن يكون فعله واجباً، ويحتمل أن يكون ندباً، ويحتمل [أن يكون](٣) إباحةً، ويحتمل أن يكون مخصوصاً دون أمته، وإذا لم يعلم على أي وجه أوقعه لم يصح الاقتداء به.
والجواب: أن الفعل المتجرد عن القرائن لا يكون إلا واجبا عاما فيه وفي أمته، وإنما يكون ندباً أو خاصاً له عند انضمام قرينة الندب، كما قلنا في صيغة الأمر إذا وردت [١٠٦/أ] متجردة عن القرائن اقتضت الوجوب، وإنما يحمل على الندب بقرينة.
وعلى أنه وإن كان محتملا للوجوب والندب، فحمله على الوجوب أولى، لما فيه من الاحتياط.
وجواب آخر، وهو: أن الاتباع قد يكون في الفعل وإن اختلف
(١) (١٢١) سورة طه. (٢) (١٥) سورة القصص. (٣) ما بين القوسين المعقوفين من تصويب الناسخ في هامش الأصل.