قال أبو إسحاق٢: سمعت الشيخ يعني أبا بكر٣، وقد سئل عن إبليس أمن الملائكة؟ فقال: أمر الله بالسجود الملائكة؛ فلولا أن إبليس منهم ما كان مأمورًا.
قال أبو إسحاق: فقلت له: أجمعنا على أن الملائكة لا تناكح، ولا يكون لها ذرية، وقد كان لإبليس ذرية؛ دل على أنه من غيرها.
وأما غيره من الآيات: فإنما معناه: لكن، كما قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً} ٤، وأراد: لكن إن قتل خطأ، تقول العرب:"ما لي ابن بنت" و"ما لي نخل إلا شجر"، والمراد به: لكن، ولا "تلق فلانًا إلا ما لقيت"، معناه: لكن ما لقيت فلا لوم عليك فيه.
وقال ابن قتيبة في كتاب "الجامع في النحو": ومما يكون فيه "إلا" بمعنى "لكن" قوله تعالى: {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ} ٥ أي: لكن من رحم. وكذلك قوله:{فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} ٦ معناه: لكن قليلًا.
وكذلك قوله تعالى: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا [٩٤/ب]
١ "٣٠" سورة الحجر. ٢ يعني: إبراهيم بن أحمد بن عمر بن شاقلا. ٣ يعني: عبد العزيز بن جعفر، المعروف: بغلام الخلال. ٤ "٩٢" سورة النساء. ٥ "٤٣" سورة هود. ٦ "١١٦" سورة هود.