ومنها قولهم: إن موسى -عليه السلام- أثبت الأحكام من جهته إلا تسع آيات أنزلها الله عليه.
والجواب:[٢٤٧/أ] أنا لا نعلم ذلك، ولو علمنا ذلك لم نعلم أن ما عدا تسع آيات لم يوح إليه.
ومنها قوله -عليه السلام-: (عفوتُ لكم عن صدقة الخيل والرقيق) .
والجواب: أنه إنما أضاف العفو إلى نفسه؛ لأنه هو الذي يتولى أخذها، وهو الذي لم يأخذها الآن، وإن كان ذلك بوحي.
ومنها: أن الصحابة قد حكمت في الحوادث وأضافت ذلك إلى اجتهادها، ولو كان ذلك عن دلالة لما أضيف ذلك إليها، وقد قالوا في حكمهم:(إن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمنى ومن الشيطان)(١) ، ولو كان عن دليل لم يقولوا ذلك.
والجواب: أنه لو كان ذلك عن اختيار قد أبيح لهم العمل به لما شكوا في كونه صواباً، على أن من يقول الحق في واحد يقول: يجوز أن يخطئوا.
والجواب: أن الاجتهاد ليس من الهوى، وإنما هو من الوحي الذي أوحي إليه؛ لأن الله تعالى أمره به كما أمر أمته، وقوله:(إِن هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) ، وكذا نقول؛ لأن القول بالقياس عن وحي وتنزيل.
(١) هذا الكلام عقَّب به كثير من الصحابة في أحكامهم الاجتهادية. وقد مضى تخريجه من قول أبي بكر - رضي الله عنه - وغيره، فانظر الفهرس. (٢) آية (٣-٤) من سورة النجم.