أحدهما: قوله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)(٢) ، فلو كان ذلك عن وحي لم يحتج إلى مشاورتهم.
والثاني: أنه قد حكم باجتهاده في مواضع، بدليل أنه عوتب عليها.
من ذلك:
أخذ الفدية من أسارى بَدْر، [كما في] قوله: (مَا كَانَ لِنَبِيِّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ في الأَرْضِ)(٣) .
وغير ذلك مما ذكرنا في رأس المسألة.
وربما احتج من نصر جواز الاجتهاد بأشياء منها:
أن السنة مضافة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحقيقة الإضافة تقتضي أنها من قِبَلِه.
والجواب: أنه إنما أضيف إليه؛ لأنها بقوله وجبت، وهو السفير.
ولهذا يضاف إليه جميعُ السنن، ومعلوم أن ليس جميعها باختياره.
ومنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مكة:(ولا يُخْتَلَى خَلاَهَا)(٤) قال العباس:
(١) ذكر هذين الدليلين: ابن أبي يعلي في طبقاته في ترجمة أبي حفص البرمكي (٢/١٦٣) منسوبة إلى المؤلف وإلى ابن بطة. (٢) آية (١٥٩) من سورة آل عمران. (٣) آية (٦٧) من سورة الأنفال. (٤) هذا الحديث رواه ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً. أخرجه عنه البخاري في كتاب الحج، باب لا ينفر صيد الحرم (٣/١٧) . وأخرجه عنه مسلم في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام (٢/٩٨٦) رقم الحديث (١٣٥٣) .