والجواب: أنه أراد بذلك في زمانه، بدلالة كثرة الخبث بها بعده، ومخبره لا يقع بخلاف ما أخبر به.
ويحتمل: أن يكون أراد بالخبث الكفر والشرك عنها ظاهراً، فأما أهل الاجتهاد إذا خرجوا منها فلا.
واحتج: بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(لا يصبرُ على لأَوَاءِ (١) المدينة وشدتها أحد إلا كنتُ له شهيداً يوم القيامة) (٢) .
والجواب: أنه ترغيب للمقام بها من غير أن يعتبر نفي الخطأ عنهم فيما طريقه الشريعة.
واحتج: بما روي عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال:(لا يكيدُ أحدٌ أهلَ المدينة إلا انْمَاعَ كما يَنْماعُ الملحُ في المَاءِ)(٣) .
= والخروج منها ص (٥٥٣) عن جابر بن عبد الله وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما. وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢/٢٣٧، ٢٤٧) عن أبي هريرة - رضي الله عنه. (١) اللأواء: الشدة وضيق المعيشة. النهاية مادة (لأي) (٤/٤٣) . هذا الحديث أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها (٢/١٠٠٢-١٠٠٥) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بمثل لفظ المؤلف إلا أنه قال: (شفيعاً أو شهيداً) . وأخرجه في الموضع السابق عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه. كما أخرجه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بلفظ (لا يصبر أحد على لأوائها فيموت، إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة، إذا كان مسلماً) . وأخرجه الإمام مالك في الموطأ في كتاب الجامع، باب: ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها ص (٥٥٢-٥٥٣) عن ابن عمر - رضي الله عنه -. (٣) هذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب فضائل المدينة، باب: إثم من كاد أهل المدينة (٣/٢٦) عن سعد - رضي الله عنه - ولفظه كلفظ المؤلف. =