فهو مأخوذ في مرسل الصحابة، وقد ثبت أن الصحابي أو التابعي لو قال: أخبرني بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال كذا، فهو بمنزلة المسند، وكذلك إذا قال التابعي: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يجب أن يكون مثله.
وقد قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: إذا قال رجل من التابعين: حدثني رجل من أصحاب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فالحديث صحيح؟ قال: نعم.
فإن قيل: الصحابي معلوم عدالته، بأن الله تعالى عدله وزكاه وأخبر عن إيمانه، ورضي عنه وأرضاه، وجعل الجنة مأواه.
قيل: قد شهد النبي [صلى الله عليه وسلم] للتابعين، كما شهد للصحابة فقال:(خير القرون الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)(١) ، وليس من شرط قبول الخبر أن يكون ممن يقطع على عدالته، وإنما تعتبر عدالته في الظاهر، وهذا المعنى موجود في التابعين ومن بعدهم، فيجب أن يتساووا في النقل.
وأيضاً: فإن الشافعي قد قال: إن كان الظاهر من حال المرسِل الثقة من التابعين، أن ما يرسله مسنداً عند غيره، قُبِل منه.
وهذا لا معنى له [١٣٧/ب] لأن القبول منه: إن كان لأجل إسناد
(١) هذا الحديث رواه عمران بن حصين رضى الله عنه مرفوعاً. أخرجه عنه البخاري في أول كتاب فضائل الصحابة (٥/٢) . وأخرجه عنه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (٤/١٩٦٤) . وأخرجه عنه الترمذي في كتاب الفن، باب ما جاء في القرن الثالث (٤/٥٠٠) . وأخرجه عنه أبو داود في كتاب السنة، باب في فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (٢/٥١٨) . وأخرجه عنه النسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الوفاء بالنذر (٧/١٧) .