ولأَصحابِنا وأَصحابِ الشافعيِّ فيها ثلاثةُ أَوْجُهٍ:
أَحدُها: أَنّها على الِإباحة وهو قَولُ أَبي العباسِ (١) وأَبي إِسحاق المَرْوَزيِّ (٢)، ما لم يعلم الإِنسانُ فيه ضررا لِنَفْسِهِ أَو لغيرِهِ.
والوجْهُ الثاني: وهو قَولُ أَبي علي بن أَبي هُرَيرةَ (٣): أَنها على الحَظْرِ (٤)، فلا يجوزُ لأَحدٍ أَن يَنْتَفعَ بشيءٍ إِلا ما يدفَعُ به ضَرَراً.
والوجهُ الثالثُ: وهو قَوْلُ أَبي عليٍّ الطبريِّ أنها على الوقف لا يُحكَمُ فيها بحَظرٍ ولا إِباحةٍ، وهو قول أَبي الحسَنِ الأَشعريّ (٥) وقال بعضُ أَهلِ العلم: فأيُّ شيءٍ حُكِمَ به من حَظرٍ أَو إِباحةٍ أَو وقفٍ، كلُّه حُكْمٌ قَبْلَ ورودِ الشَّرْعِ، وتَوْجيهُ ذلك يردُ في مسائل الخلافِ إِنْ شاءَ الله (٦).
(١) يعني: ابن سُرَيج. (٢) هو إبراهيم بن أحمد المروزي الشافعي، توفي سنة (٣٤٠). "تهذيب الأسماء واللغات" ٢/ ١٧٥. (٣) هو أبوعلي الحسنُ بن الحسن بن أبي هريرة البغدادي القاضي شيخ الشافعية، له مصنفات، منها "شرح مختصر المزني"، ومسائل في الفروع محفوظة، توفي سنة (٣٤٥) هـ. "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٤٣٠، و" طبقال الشافعية الكبرى" ٣/ ٢٥٦ - ٢٦٢. (٤) انظر "التبصرة" ص ٥٣٢ - ٥٣٣، و"الإِبهاج" ١/ ١٤٢، و"البحر المحيط" (٥) انظر "البحر المحيط" ١/ ١٥٦، و "المحصول" ١/ ١٥٩. (٦) في الجزء الأخير من الكتاب.