أحدُهما: أن يحتج المستدل باحدِ الموضعين، فيقول السائلُ بموجبه بالحملِ على الموضعِ الآخر، مثل أن يستدل الشافعيُ في نكاحِ المحرم بقولهِ عليه الصلاة والسلام:"لا يَنكحُ المحِرمُ ولا يُنبكح"(١). فيقولُ الحنفي: النكاحُ في اللغةِ هو الوطءُ، فكأنَّه قال: لا يَطأ المحرِمُ الرجلُ، ولا يُوطىء: لا تُمكنُ المرأةُ المحرمَ مِن وطْئِها.
فالجوابُ من وجهين:
أحدهما: أن يقولَ: النكاحُ في عُرفِ الشرعِ هو: العقدُ، وفي عرفِ اللغةِ هو: الوطءُ، واللفظ إذا كان له عرف في اللغة وعرف في الشرع حُمِلَ على عُرف الشرع، ولا يُحمَلُ على عرفِ اللغةِ إلا بدليل.
والثاني: أن يبينَ من سياقِ الخبرِ وغيرِه، أن المرادَ به ما قاله.
والضربُ الثاني: أن يقولَ بموجبهِ في الموضع الذي احتجَ به، كاستدلالِ أصحابنا في خيارِ المجلس، بقولهِ صلى الله عليه وسلم:"المتبايعانِ بالخيارِ مالم يتفرقا"(٢)، فيقول المخالفُ: المتبايعانِ هما المتشاغلان بالبيع قبل الفراغ، وهما عندي هناك بالخيار.
فالجوابُ عنه من وجهين:
(١) أخرجه أحمد ١/ ٥٧، ٦٤، ٦٨، ومالك في "الموطأ" ١/ ٣٤٨، ومسلم (١٤٠٩)، والترمذي (٨٤٠)، وأبو داود (١٨٤١)، والنسائي ٥/ ١٩٢، وابن ماجه (١٩٦٦)، والبغوي في "شرح السنة" (١٩٨٠)، وابن حبان (٤١٢٣). من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه-. (٢) تقدم تخريجه في الصفحة (٤٤) من هذا الجزء.