يكونَ أنْسِيَهُ، وقد صنفَ الناس فيمن نسيَ ما رواه (١)، فرويَ له عن نفسه، فقال: حدثني فلان عني، حتى قالوا: فصارَ بنسيانِه بينه وبينَ نفسهِ رجلٌ.
ومنها: أن يقولَ: راوي الحديثِ لم يعملْ به، ولو علمَ صحتهَ لم يعدلْ عن العمل به، كما قالوا في حديثِ الغَسلِ من ولوغِ الكلبِ سَبعاً (٢): راويه أبو هُريرة، وقد أفتى بثلاث مرات (٣).
فالجوابُ: إنَ الراوي يجوز أن يكونَ قد نسي في حالِ الفُتيا أو أخطأ في تأويلهِ، فلا تُتركُ سنةٌ ثابتةٌ، لأجلِ تركهِ لها.
ومنها: أن يقولَ: إنَّ هذه الزيادةَ لم تُنقَل نقلَ الأصلِ كما قالوا في حديث: "فيما سَقَت السماءُ العشرُ، وفيما سقي بنَضح أو غَرْب نصفُ العشر إذا بلغ خمسةَ أوسق"(٤)، فقالوا: هذا الحديث رواةَ
(١) منهم الخطيب البغدادي أحمد بن علي بن ثابت، صنف كتاب "من حَدث ونسي". (٢) عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ولغَ الكلب في إناء أحدكم، فاغسلوه سَبع مرات". أخرجه: مالك ١/ ٣٤، وأحمد ٢/ ٤٦٠، والبخاري (١٧٢)، ومسلم (٢٧٩) (٩٠)، والنسائي ١/ ٥٢، وابن ماجه (٣٦٤)، والبغوي (٢٨٨)، والبيهقي ١/ ٢٤٠، وابن حبان (١٢٩٤). (٣) أخرج الدارقطني عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة، قال: إذا ولغ الكلبُ في الإناء، فاهرقه ثم اغسله ثلاث مرات. كما أخرج الدارقطني عن أبي هريرة أنه كان إذا ولغ الكلب في الإناء أهرقه، وغسله ثلاث مرات. "سنن الدارقطني" ١/ ٦٦، وانظر "نصب الراية" ١/ ١٣٠ - ١٣٢. (٤) الحديث- دون قوله: "إذا بلغ خمسة أوسق"- أخرجه من حديث عبد الله =