لأنّ اعتبارَ ذلك يَشُقُّ ويُحرِجُ؛ لاختلافِ المذاهبِ، واتساع الفَلَواتِ، واحتياج العَوامِّ إِلى صلاةِ الجماعاتِ خلفَ المُصيبِ والمُخطئِ، وحاجتِهم إلي الصَّلاةِ خلفَ كلِّ بَر وفاجرٍ، فأَمَّا الحاجةُ إلى استفتاءِ المخطئِ، فإدت حصلت، فإِن الدِّلالةَ عليه والإِرشادَ لا (١) حاجةَ بنا إِليه، كما أَنَّنا نحكَمُ بصحَّةِ صلاةِ العامِّيِّ والأَعمى خلفَ المُجتهدِ في القِبلَةِ، وإِنْ سأَلنا عن الصَّلاةِ خلفَهم، لم نَحكُمْ ببُطلان صلاتِهِم، ولا يَدُلُّ ذلك على تجويزِ دِلالَتِنا للمُسترشِدِ السائلِ عن القِبْلةِ إِلى مَن نَعْلَمُ أَنَّه على خطأٍ فيها بالرَوايةِ الأُولى.
وبهذا قالَ أَكثرُ أَصحابِ الشَّافعيِّ، حتى إِنَّ القاضِيَ ابا الطَّيِّبِ الطَّبَرِيَّ، رحمه الله تعالي، بالغَ في ذلك، فقالَ: إِنَّني أَعلمُ إِصابتَنا للحقِّ، وأَقطَعُ بخطأِ مَنْ خالَفَنا، وأَمْنَعُه من الحكمِ باجتهادِه، غيرَ أَنَّني لا افَسِّقُهُ (٢).