فيُقال: الملةُ عبارةٌ عنِ الشريعةِ، وصفتُهُ بكونهِ حنيفاً، ونَفْيُ الشركِ عنهُ لا يقصرُ الاتباعَ ويخصُّهُ، بل الاتباعُ على عمومِهِ، ألا تَرى أنَّ التوحيدَ لا يختصُّ بإبراهيمَ، بل هو اعتقادُ كلِّ نبىٍّ قبلَهُ وبعدَهُ؟ فلَمَّا خَصَّ ملةَ إبراهيمَ، عُلِمَ أنَّهُ أرادَ أحكامَ شريعتِهِ، دونَ التخصيصِ بتوحيدِهِ.
على أنَّا قد بيَّنَّا أنَّ أدلةَ التوحيدِ عقليَّةٌ، لا تحتاجُ ولا تفْتقرُ إلى وحيٍ، بل طريقُها النظرُ والاستدلالُ بدلائلِ العقلِ، ولولا سبقُ أدلةِ العقولِ بأنَّ لنا صانعاً، ولهُ ملائكة، وأنه يجوزُ أَنْ يُرسلَ إلى الآدميين؛ بما يكون سياسةً لهم، وحافظاً مِنْ شرائعِ الأحكامِ،