فيما مضى، بخلاف العمومِ والمجملِ، فإنه يُخِلُّ بصحةِ الأداءِ؛ لأنه ليس يُؤَخَّر عن وقت الحاجةِ إلى الأداء.
[قيل:] لا (١) اختلال ولا إخلالَ بالصحةِ، بل يتأدى الفِعلُ بالبيانِ عند الحاجةِ إليه بحسب المراد.
فإن قيل: قد منعَ بعضُ المتأخرينَ النسخَ إلا على وجهٍ، وهو أن يقول: صلوا إلى بيتِ المقدس ما لم أنسخِ القبلةَ، فأمَّا على الإطلاق، فلا يجوزُ عندي، لأنه يؤدي إلى البَداء (٢).
قيل: هذا اعتبارُ ما لا يحتاجُ إليه، لأن الدليلَ قد دَلَّ على أنَّ المرادَ بالإطلاق هذا التقييدُ عند كل مَن قال بجواز النسخ، ومثلُهُ العمومُ، التقديرُ فيه: اقتلوا المشركينَ ما لم أَخُصَّ بعضَهم بالمنعِ مِن القتلِ.
على أنه لو صَرَّحَ بقوله: ما لم أنسخ، لم يكن مزيداً على تجويزِ النسخ، لأنه لا يعطي قوله: ما لم أنسخ: أني سأنسخ، ألا ترى إلى قوله:{فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}[النساء: ١٥]، لا يعطي: وجوبَ جَعْلِ السبيلِ، بل كان يجوزُ أن يَجْعَلَ لهن السبيلَ، وكان يجوز أن لا يجعلَ؛ فالتقييد (٣)
(١) في الأصل: "فلا". (٢) نسب ابن النجار في "شرح الكوكب المنير" ٣/ ٥٤٠ هذا القول إلى جمع من المتكلمين والحنفية، ونسبه أبو يعلى لابن الدقاق. "العدة" ٣/ ٧٢٩. وانظر تعريف البداء في ٣/ ١٣٤. (٣) في الأصل: "بالتقييد".