ومنها: أن قالوا: لو صحَ دعوى العمومِ في المضمراتِ؛ لصح أن يدخلَ
التخصيصُ على المضمرات، كا لمُظْهَراتِ (١) لمَا دخلها العمومُ دخلها التخصيصُ. فيقالُ: كذلكَ نقولُ، وإنه على عمومِه في كُلِّ مضمَر يصحُّ إضمارُه إلا أن تردَ دلالةٌ تخصُ بعضَ الأفعالِ بالإباحةِ.
فصل
ولا يكون قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣]، و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة: ٣] مجازاً غيرَ دالى على تحريمِ أفعالي في الأعيانِ (٢)، خلافاً لما حُكيَ عن أبي عبد الله البصري (٣)، المفَقب بالجُعَل، وقوله: هذا مجازٌ لا يدل على تحريمِ الأفعالِ.
(١) يقصد بالمظْهَرات: اللفظ الظاهرُ، وهي في مقابل المُضْمَراتِ، وهي الألفاظ غيرُ الظاهرة. (٢) مرادُ ابن عقيل في هذه المسألة: أن لفظ التحريم إذا تعلَق بما لا يصحُّ تحريمه، فإنَه يكون عموماً في الأفعالِ في العين المحرَّمة، نحوَ قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}. انظر "العدة" ٢/ ٥١٨ - ٥١٩، و"المسودة": ٩٤. (٣) هو أبوعبد الله الحسين بن عليَّ البَصري، المعتزلي معتقداً، الحنفيّ مذهباً، كان مقدماً في الفقه والكلام، وانتهت إليه رئاسةُ أصحابه في عصره. توفي سنة (٣٦٩ هـ). انظر "تاريخ بغداد" ٨/ ٧٣ - ٧٤، و"شذرات الذهب" ٣/ ٦٨، و"سير أعلام النبلاء"