النبي صلى الله عليه وسلم:"في كُل إبلٍ سائمةٍ"(١)، هل يدخل فيه أنه لا تكون إلا في السائمةِ، ولا تدخلُ فيه العواملُ؟ فقال: أجل، لا تكونُ في العوامل، لا تكون إلا في السائمةِ. فعمَّ بسقوطِ الزكاةِ في غيرِ السائمةِ من كُلِّ نوع (٢).
ومنها: أن قالوا: لو كان للخطابِ دليل لجازَ أن يبطلَ حكمُ الخطابِ، ويبقى حكمُ الدليلِ، كما بطلَ حكمُ الدليلِ وبقي حكم الخطاب، وذلكَ مثل قولهِ صلى الله عليه وسلم:"أيّما امرأةٍ نكَحت نَفْسَها بغيرِ إذْنِ وَليها، فَنِكاحُها باطلٌ"(٣)، دليلُه: أنها إذا نكحت نفسَها بإذنه، فنكاحُها صحيح، وكذلكَ قولُه:"لا تُحرَّمُ الرضعةُ والرضعتانِ، ولا الإملاجَةُ ولا الإمْلاجتان"(٤)، دليلُه: أنَ الثالثَة تُحرم، وعندكم لا يصحُ نكاحُها بنفسِها عن إذن وليّها (٥)، ولا يحرم من الرضاعِ
(١) حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده -معاوية بن حيدة القشيري- قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في كل سائمة إبل في كل أربعين بنتُ لبَونٍ" أخرجه أحمد ٥/ ٢و٤، وأبوداود (١٥٧٥)، والنسائي ٥/ ٢٥، والحاكم ١/ ٣٩٧ - ٣٩٨. (٢) انظر قول أحمد -رضي الله عنه- في "المغني"٤/ ١٢، و"المبدع في شرح المقنع "٢/ ٣١١، و"حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع" ٣/ ١٨٩ - ١٩٠. (٣) تقدم تخريجه في الجزء الثاني، الصفحة: ١٤٧. (٤) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحرِّم المصة والمصتان"، أخرجه أحمد ٦/ ٩٥ - ٩٦، ومسلم (١٤٥٠)، وأبوداود (٢٠٦٣)، والنسائي ٦/ ١٠١، وابن ماجه (١٩٤١)، والدارقطني ٤/ ١٧٢، وابن حبان (٤٢٢٨). وعن أُمِّ الفضل أنَ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحرم الرضعة أو الرضعتانِ، أو المصةُ أو المصتان" أخرجه مسلم (١٤٥١)، والنسائي ٦/ ١٠٠ - ١٠١، وابن ماجه (١٩٤٠)، وابن حبان (٤٢٢٩). ولفظه عند النسائي وابن حبان: "لا تحرَّم الإملاجة ولا الإملاجتان". (٥) انظر "المغني"٩/ ٣٤٥ - ٣٤٦ و"المبدع شرح المقنع" ٢٨/ ٧ - ٢٩ ووجه المنع من الأخذِ بدليلِ الخطابِ في قوله صلى الله عليه وسلم:"أيما امرأةٍ نكحت بغيرِ إذنِ وليها فنكاحُها باطلٌ"؛ لعبارة الخطاب في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلأ بولي"، وعبارة الخطاب مقدَمة على دليل الخطاب عند التعارض.