وكانت العادة إذا نشأ لأحد الأمراء ولد أطلق له دنانير ولحم وخبز وعليق حتى يتأهّل للإقطاع في جملة الحلقة، ثم منهم من ينتقل إلى إمرة عشرة، أو إلى إمرة طبلخاناه بحسب الحظّ (١).
واتّفق للأميرين طرنطاى وكتبغا أنّ كلاّ منهما زوّج ولده بابنة الآخر، وعمل لذلك المهمّ العظيم. ثم سأل الأمير طرنطاي - وهو إذ ذاك نائب السّلطان - الأمير بيلبك الأيدمري والأمير طيبرس، أن يسألا السّلطان الملك المنصور قلاوون في الإنعام على ولده وولد الأمير كتبغا بإقطاعين في الحلقة. فقال لهما: واللّه لو رأيتهما في مصافّ القتال يضربان بالسّيف، أو كانا في زحف قدّامي، أستقبح أن أعطي لهما أخبازا في الحلقة خشية أن يقال أعطى الصّبيان الأخباز.
ولم يجب سؤالهما هذا، وهم من قد عرفت.
لكن كان الملك العادل نور الدّين محمود بن زنكي إذا مات الجندي أعطى إقطاعه لولده، فإن كان صغيرا رتّب معه من يلي أمره حتى يكبر. فكان أجناده يقولون: الإقطاعات أملاكنا يرثها أولادنا الولد عن الوالد، فنحن نقاتل عليها، وبه اقتدى كثير من ملوك مصر في ذلك.
وللأمراء المقدّمين حوائص (٢) ذهب في وقت الرّكوب إلى الميدان، ولكلّ أمير من الخواصّ على السّلطان مرتّب من السّكّر والحلوى في شهر رمضان، ولسائرهم الأضحية في عيد الأضحى على مقادير رتبهم، ولهم البرسيم لتربيع دوابّهم، ويكون في تلك المدّة بدل العليق المرتّب لهم (٣).
وكانت الخيول السّلطانية تفرّق على الأمراء مرّتين في كلّ سنة: مرّة عندما يخرج السّلطان إلى مرابط خيوله في الرّبيع عند اكتمال تربيعها، ومرّة عند لعبه بالكرة في الميدان.
ولخاصّة السّلطان المقرّبين زيادة كثيرة من ذلك، بحيث يصل إلى بعضهم في السّنة مائة فرس. ويفرّق السّلطان أيضا الخيول على المماليك السّلطانية في أوقات أخر، وربّما يعطي بعض مقدّمي الحلقة، ومن نفق له فرس من المماليك، يحضر من لحمه والشّهادة بأنّه نفق، فيعطى بدله (٤).
ولخاصّة السّلطان المقرّبين إنعام من الإنعامات، كالعقارات والأبنية الضخمة التي ربّما أنفق على بعضها زيادة على مائة ألف دينار (٥). ووقع هذا في الأيّام النّاصريّة مرارا، كما ذكر عند ذكر
(١) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٢٩ - ٣٠؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٥١: ٤، ٥٤. (٢) حياصة ج. حوايص. انظر فيما تقدم ٣٢٩ - ٣٣٠. (٣) ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٣٠؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٥٥: ٤، ٥٦. (٤) نفسه ٣٠ - ٣١، نفسه ٥٤: ٤. (٥) نفسه ٣١؛ المقريزي: السلوك ٥٣٧: ٢.