أَحَدٍ شَيْءٌ بَعَثَ إِلَيْهِ بِمَالٍ. وَنَقَلَ فَضْلَهُ الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: رَوَى (١) عَنْ شَقِيقٍ الْبَلْخِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ حَاجًّا سَنَةَ تِسْعٍ (٢) وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، فَنَزَلْتُ الْقَادِسِيَّةَ فَإِذَا شَابٌّ حَسَنُ الْوَجْهِ شَدِيدُ السُّمْرَةِ، عَلَيْهِ ثَوْبُ صُوفٍ مُشْتَمِلٌ بِشَمْلَةٍ، فِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ، وَقَدْ جَلَسَ مُنْفَرِدًا عَنِ النَّاسِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا الْفَتَى (٣) مِنَ الصُّوفِيَّةِ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ كَلًّا عَلَى النَّاسِ، وَاللَّهِ لَأَمْضِيَنَّ إِلَيْهِ أُوَبِّخْهُ (٤) ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ (٥) فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلًا (٦) قَالَ: يَا شَقِيقُ، اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا (٧) عَبْدٌ صَالِحٌ قَدْ نَطَقَ عَلَى مَا فِي خَاطِرِي (٨) ، لَأَلْحَقَنَّهُ وَلَأَسْأَلَنَّهُ أَنْ يُحَالِلَنِي (٩) ، فَغَابَ عَنْ عَيْنِي (١٠) ، فَلَمَّا نَزَلْنَا وَاقِصَةَ إِذَا بِهِ يُصَلِّي (١١) ، وَأَعْضَاؤُهُ تَضْطَرِبُ، وَدُمُوعُهُ تَتَحَادَرُ. فَقُلْتُ: أَمْضِي إِلَيْهِ وَأَعْتَذِرُ، فَأَوْجَزَ فِي صِلَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا شَقِيقُ: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [سُورَةُ طه: ٨٢] فَقُلْتُ: هَذَا مِنَ الْأَبْدَالِ، قَدْ تَكَلَّمَ عَلَى
(١) رَوَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) ص ١٠١ (م) .(٢) ن (فَقَطْ) : سَبْعٍ. .(٣) الْفَتَى: كَذَا فِي (ب) ، (ك) . وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الصَّبِيُّ.(٤) ك: وَأُوَبِّخَنَّهُ.(٥) عِبَارَةُ " فَدَنَوْتُ مِنْهُ ": سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .(٦) مُقْبِلًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) ، (ك) .(٧) ب: إِنَّ هَذَا. وَسَقَطَتْ " هَذَا " مِنْ (و) .(٨) أ، ب: صَالِحٌ نَطَقَ عَمَّا فِي نَفْسِي، ك: صَالِحٌ قَدْ نَطَقَ مَا فِي خَاطِرِي.(٩) ص: يُحْلِلَنِي، ك: يُحِيلَنِي، وَصُوِّبَتْ فِي الْهَامِشِ إِلَى: يُجَالِسَنِي.(١٠) أ، ب: عَنْ عَيْنِي فَلَمْ أَرَهُ.(١١) أ، ب: فَلَمَّا نَزَلْنَا وَافَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute