قِيلَ: مَعْلُومٌ أَنَّ إِرَادَةَ هَذَا الْحَادِثِ لَيْسَتْ إِرَادَةَ هَذَا الْحَادِثِ، وَإِنْ جَوَّزُوا هَذَا لَزِمَهُمْ أَنْ يُجَوِّزُوا وُجُودَ جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ قَدِيمَةٍ [أَزَلِيَّةٍ] (١) ، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ كَابْنِ كُلَّابٍ وَأَتْبَاعِهِ، وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ قَوْلُهُمْ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالْمَعْلُولُ الْمُعَيَّنُ الْقَدِيمُ إِذَا قُدِّرَ كَانَ [مُرَادًا] (٢) بِإِرَادَةٍ قَدِيمَةٍ أَزَلِيَّةٍ بَاقِيَةٍ، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا إِرَادَةُ (٣) شَيْءٍ مِنَ الْحَوَادِثِ ; لِأَنَّ (٤) الْحَادِثَ لَا يَكُونُ قَدِيمًا، وَنَوْعُ الْإِرَادَاتِ وَالْحَوَادِثِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ قَدِيمٌ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: يَقْتَرِنُ بِهَا النَّوْعُ الدَّائِمُ (٥) لَكِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ مِنْ وُجُوهٍ قَدْ ذُكِرَ بَعْضُهَا.
[قول الأشعرية والكرامية وموافقيهم]
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْإِرَادَةَ الْقَدِيمَةَ الْأَزَلِيَّةَ [لَيْسَتْ] (٦) مُسْتَلْزِمَةً لِمُقَارَنَةِ مُرَادِهَا لَهَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا ; لِأَنَّ حُدُوثَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَفْتَقِرُ إِلَى سَبَبٍ حَادِثٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَإِنْ (٧) جَازَ أَنْ يُقَالَ: [إِنَّ] (٨) الْحَوَادِثَ تَحْدُثُ بِالْإِرَادَةِ الْقَدِيمَةِ الْأَزَلِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ - كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ
(١) أَزَلِيَّةٍ: زِيَادَةٌ فِي (م) .(٢) مُرَادًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.(٣) إِرَادَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .(٤) ن، م: أَنَّ.(٥) أ: الْقَائِمُ، ب: الْقَدِيمُ.(٦) لَيْسَتْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٧) ن: فَإِنْ.(٨) إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute