هُوَ، وَلَكِنَّ الْجَهْمِيَّةَ وَالْمُعْتَزِلَةَ لَمَّا كَانَ أَصْلُهُمْ أَنَّ الرَّبَّ لَا تَقُومُ بِهِ الصِّفَاتُ وَالْأَفْعَالُ وَالْكَلَامُ، لَزِمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: كَلَامُهُ بَائِنٌ عَنْهُ مَخْلُوقٌ [مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ] (١) . وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ ظَهَرَ عَنْهُ هَذَا (٢) الْجَعْدَ بْنَ دِرْهَمٍ (٣) ثُمَّ الْجَهْمَ [ابْنَ صَفْوَانَ] (٤) ، ثُمَّ صَارَ هَذَا فِي الْمُعْتَزِلَةِ.
[أقوال أئمة الإسلام في القرآن]
وَلَمَّا ظَهَرَ هَذَا سَأَلُوا أَئِمَّةَ الْإِسْلَامِ مِثْلَ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ (٥) وَأَمْثَالِهِ، فَقَالُوا لِجَعْفَرٍ [الصَّادِقِ] (٦) : الْقُرْآنُ خَالِقٌ أَمْ مَخْلُوقٌ؟ (٧) فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ: " لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ " لَمْ يُرِدْ بِهِ [أَنَّهُ] (٨) لَيْسَ بِكَاذِبٍ وَلَا مَكْذُوبٍ، لَكِنْ أَرَادَ [أَنَّهُ] (٩) لَيْسَ هُوَ الْخَالِقَ لِلْمَخْلُوقَاتِ، وَلَا هُوَ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَكِنَّهُ كَلَامُ الْخَالِقِ.
وَكَذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -[رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (١٠) - لَمَّا قِيلَ
(١) مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٢) ن، م: ظَهَرَ هَذَا عَنْهُ.(٣) عَلَى هَامِشِ نُسْخَةِ (ع) بَعْدَ نَقْلِ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ السَّابِقَةِ مَا يَلِي: " قُلْتُ: جَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ ذَبَحَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ بِيَدِهِ بَعْدَ مَا نَزَلْ عَنِ الْخُطْبَةِ فِي عِيدِ الْأَضْحَى، فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ جَعْدًا هَذَا يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَا كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا، قُومُوا وَضَحُّوا - تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ - فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُضَحِّيَ جَعْدَ بْنَ دِرْهَمٍ. فَنَزَلَ عَنْ خُطْبَتِهِ وَذَبَحَهُ بِيَدِهِ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ ". وَهَذَا الْخَبَرُ فِي الْكَامِلِ لِابْنِ الْأَثِيرِ ٥/١٠٤.(٤) ابْنَ صَفْوَانَ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .(٥) م: سَأَلُوا عَيْنَ الْأَعْلَامِ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ.(٦) الصَّادِقِ: زِيَادَةٌ فِي (ع) .(٧) ع: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ أَمْ خَالِقٌ.(٨) أَنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٩) أَنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(١٠) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) وَفِي (م) : عَلَيْهِ السَّلَامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute