هُجِعَتْ وقد كُشفَ الْغِطاءُ فأبْصَرتْ … ما ليسِ يُدْرَكُ بالعُيُونِ الهُجَّعِ (١)
وغَدَتْ مُفارِقةً لكلِّ مُخَلَّفٍ … عنها حَلِيفِ التُّرْبِ غيرِ مُشَيَّعِ
وغَدَتْ تُغَرِّدُ فوقَ ذِرْوَةِ شاهِقٍ … سَامٍ إلى قَعْرِ الحَضِيضِ الأوْضَعِ
إنْ كان أرْسَلها الإلهُ لِحِكُمةٍ … طُويَتْ عن الْفَطِنِ اللَّبيبِ الأوْرَعِ
فهُبُوطُها إن كان ضَرْبَةَ لَازِبٍ … في العالَمِين فَخرْقُها لم يُرْقَعِ
وهي التي قَطَع الزَّمانُ طَرِيقَها … حتى لقد غَرُبَتْ بغيرِ المِطْلَعِ
فكأنَّها بَرْقٌ تألَّقَ لِلْحِمَى … ثم انْطوَى فكأنَّه لم يَلْمَعِ
وله أيضًا:
قُمْ فَاسْقِنيهَا قَهْوة كَدَمِ الطُّلَا … يا صاحِ بالقُدُحِ المِلَا بين المِلَا
خمْرًا تَظَلُّ لها النَّصارَى سُجَّدًا … ولها بَنُو عِمْرانَ أخْلَصَتِ الوَلَا
لو أنَّها يومًا وقد لَعِبَتْ بهمْ … قالتْ ألَسْتُ بِرَبِّكُم قالُوا بَلَى
وله، وهو يجود بنفسه:
أقام رجالًا في مَعَارِجِه مُلْكَا … وأقْعَدَ قَوْمًا في غَوَايَتِهمْ هَلكَى
نَعُوذُ بكَ اللَّهُمَّ مِن شَرِّ فِتْنَةٍ … تُطَرِّقُ مَنْ حَلَّتْ بهِ عيشَةً ضَنْكَا
رَجَعْنَا إليكَ الآنَ فاقْبَك رُجُوعَنَا … وقَلِّبْ قُلوبًا طال إعْراضُها عَنْكَا
فإنْ أنتَ لم تُبْرِئ سَقامَ نُفُوسِنَا … وتَشْف عَمَايَاهَا إذًا فلِمَنْ يُشْكَى
فقد آثَرتْ نفسِي لِقاكَ وقَطَّعَتْ … عليكَ جُفونِي مِن مَدامِعِها سِلْكَا
ويُنْسَبُ إليه أيضًا البيتان اللذان ذكرهما الشهرستاني، في أول كتاب "نهاية الإقدام".
وهما (٢):
(١) الأبيات في عيون الأبناء أيضًا.
(٢) نهاية الإقدام ٣، ووفيات الأعيان ٢: ١٦١.