فشهدت الشافعي، وقد دخل عليه بشر، فقال له الشافعي: أخبرني عما تدعو إليه، أكتاب ناطق، أم فرض مفترض، أم سنة قائمة، أو وجوب عن السلف البحث فيه، والسؤال عنه؟ فقال بشر: ليس فيه كتاب ناطق، ولا فرض مفترض، ولا سنة قائمة، ولا وجوب عن السلف البحث فيه، إلا أنه لا يسعنا خلافه.
فقال الشافعي: أقررت على نفسك بالخطأ، فأين أنت عن الكلام في الفقه والأخبار، يُواليك الناس عليه، وتترك هذا؟ قال: لنا نهمه (١) فيه.
فلمّا خرج بشر قال الشافعي: لا يفلح.
قال الحسين (٢): كلّمت يومًا بشرًا المريسيّ، شبيهًا بهذا السؤال، قال: فرض مفترض، قلت: من كتاب، أو سنة، أو إجماع؟ قال: من كلّ.
قال: فكلّمته، حتى قام، وهو يضحك منه.
وقال البويطيّ: سمعتُ الشافعي يقول: ناظرتُ المريسيّ في القرعة، فذكرت له حديثَ عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم في القرعة.
فقال: يا أبا عبد الله، هذا قمار.
فأتيت أبا البختريّ، فقلت له: سمعت المريسيّ يقول: القرعة قمار.
فقال: يا أبا عبد الله، شاهد آخر، واقتله.
وقال أبو ثور (٣): سمعت الشافعي يقول: قلت لبشر المريسيّ: ما تقول في رجل قُتل، وله أولياء صغار، وكبار، هل للأكابر أن يقتلوا دون الأصاغر؟.
فقال: لا.
(١) النهمة: "الشهوة والحاجة". (٢) تاريخ بغداد ٧: ٥٩. (٣) تاريخ بغداد ٧: ٦٠.