لما كانت هذه الأمة أفضل الأمم، وخيرها، جعل الله من فضلها أن صفوفها في الصلاة، كصفوف الملائكة عند ربها، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذه الخاصية، وَذَكَّرَ بها أصحابه فقال -صلى الله عليه وسلم-: "فُضِّلنا على الناس بثلاث: جُعِلَت صفوفنا كصفوف الملائكة … "(١).
فكان من الحكم العظيمة والأمور الجليلة، من التسوية ما يلي:
أولا:
تعديل الصف، وعدم اعوجاجه، فالتسوية والنظام في الصف، دليل على التوافق، والانسجام، مما يترتب عليه توافق القلب، والقالب، ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- يباشر ذلك بيده، كما في حديث البراء -رضي الله عنه- "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية، يمسح على صدورنا، ومناكبنا (٢)، ويقول: لا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم"(٣).
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب مواضع الصلاة برقم (٥٢٢) ١/ ٣٧١. (٢) المَنَاكِب: كل مجمع عظم العضد والكتف من الإنسان والطائر، ونحوه. انظر: المحيط في اللغة ٦/ ٢٨١، مقاييس اللغة ٥/ ٤٧٤، والقاموس المحيط ١/ ١٧٩. (٣) أخرجه أبو داود بلفظه في سننه، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف برقم (٦٦٤) ١/ ٢٣٤ والنسائي في سننه، كتاب الإمامة، باب كيف يقوم الإمام الصف برقم (٨١١) ٢/ ٨٩، وعبد الرزاق في مصنفه، كتاب الصلاة، باب الصفوف برقم (٢٤٣٠) ٢/ ٤٥، وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الإمامة في الصلاة، باب صلوات الرب وملائكته على واصلي الصفوف الأول برقم (١٥٥٦) ٣/ ٢٦، وصحح إسناده الألباني انظر: (صحيح أبي داود ٣/ ٢٤٠.) وروي بألفاظ أخرى مقاربة.