وإذا علقت إزاره دمها «١»، صار دمه «٢» في ثوبها. فأما قوله عز وجل: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر/ ٤] فإنه أمر بالتزكّي واجتناب المأثم. قال قتادة: كانوا يقولون للرجل إذا نكث، ولم يوف بالعهد دنس الثياب، فإذا أوفى وأصلح قالوا: طاهر الثياب. فمما سلكوا فيه هذا المسلك قوله «٣»:
وقد لبست بعد الزبير مجاشعٌ ... ثياب التي حاضت ولم تغسل الدّما
وكذلك قوله «٤»:
ثياب بني عوفٍ طهارى نقيّةٌ ... وأوجههم بيض المسافر غرّان
يريد: أنهم لا يأتون ما يقال لهم فيه دنسو الثياب، وكذلك قوله: وأوجههم بيض المسافر، يريد: أنهم لا يرتكبون ما يدنّس الثياب ويسوّد الوجوه، قال تعالى «٥»: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا [النحل/ ٥٨] فليس المعنى السواد الذي هو خلاف البياض، ولكن على ما يلحق من غضاضةٍ عن مذمّةٍ. ونزّلوا ولادة الأنثى- وإن لم يكن
(١) في (ط): إزارها دمه. (٢) سقطت من (ط). (٣) البيت لجرير من قصيدة يهجو فيها البعيث الديوان ٢/ ٩٨٣. (٤) البيت لامرئ القيس من قصيدة يمدح فيها بني عوف، وقافيتها مكسورة ففيه إقواء. (ديوانه ص ٢١٣ ط السندوبي) وفي اللسان (سفر): مسافر الوجه: ما يظهر منه. قال امرؤ القيس: وأوجههم ... البيت. وفي تفسير القرطبي ١٩/ ٦٣ نسبه لأبي كبشة. (٥) سقطت من (ط).