قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وأما أن يقال إن الرسول ندب إلى ذلك ورغب فيه وجعله عبادة وطاعة يشرع فعلها، فهذا يحتاج إلى دليل شرعي ولا يكفي في ذلك فعل بعض السلف.
ولا يجوز أن يقال إن الله ورسوله يحب ذلك أو يكرهه، وإنه سن ذلك وشرعه، أو نهي عن ذلك وكرهه، ونحو ذلك إلا بدليل يدل على ذلك لا سيما إذا عرف أن جمهور أصحابه لم يكونوا يفعلون ذلك.
فيقال: لو كان ندبهم إلى ذلك وأحبه لهم لفعلوه فإنهم كانوا أحرص الناس على الخير، ونظائر هذا متعددة والله أعلم" (١).
وفي الوقت ذاته لا يقال: انعقد إجماعهم (٢) على تركه فيبدع من فعله مع أنه قد ثبت فعله من بعض الصحابة كما ثبت من فعل ابن عمر ﵄.
هذا فيما يتعلق بالسلام عليه عند حجرته للقادم من السفر.
أما الشخص المقيم فلم يستحب أحد من علماء السلف أن يأتي أحد إلى الحجرة للسلام أو الصلاة، بل هو منهي عنه لأن في تخصيص الحجرة للصلاة والسلام بهذه الصورة جعلا لها عيدا، وكذلك فإن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان لم يكونوا يفعلون ذلك. وقد تقدم نقل كلام الإمام مالك في هذه المسألة بعينها وكيف أنه كره ذلك لأن السلف لم يكونوا يفعلون ذلك وقال ﵀: "لن يصلح آخر هذه
(١) الرد على الأخنائي (ص ١٧٩). (٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية وإذا فعله من الصحابة الواحد والاثنان والثلاثة وأكثر دون غيرهم كان غايته أن يثبت به التسويغ بحيث يكون مانعًا من دعوى الإجماع.