للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا النوع الأول-أي السلام عند دخول المسجد-هو المشروع لأهل البلد وللغرباء في هذا المسجد وغير هذا المسجد.

وأما النوع الثاني-أي السلام عليه عند الحجرة-فهو الذي فرق من استحبه بين أهل البلد والغرباء سواء فعله مع الأول أو مجردا عنه فاستحبوه للغرباء دون أهل البلد، محتجين على ذلك بفعل ابن عمر .

وفي هذا الاستحباب نظر "لأن الأمر إذا فعله من الصحابة الواحد والاثنان والثلاثة وأكثر، دون غيرهم كان غايته أن يثبت به التسويغ بحيث يكون هذا مانعا من دعوى الإجماع على خلافه، بل يكون كسائر المسائل التي يساغ فيها الاجتهاد، أما أن يجعل من سنة الرسول وشريعته وحكمه ما لم تدل عليه سنته لكون بعض السلف فعل ذلك فهذا لا يجوز (١).

فالأولى في هذه المسألة أن يقال: إن فعل ابن عمر إنما يدل على التسويغ بحيث يكون فعل من فعل ذلك اقتداء بفعل بعض الصحابة لم يبتدع شيئا من عنده.

أما أن يقال إن فعل هذا عبادة وطاعة يشرع فعلها احتجاجا بفعل بعض الصحابة-ولا سيما إذا عرف أن جمهور الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك-فلا يكفي الاحتجاج بفعل بعض الصحابة على استحبابه بل الأمر يحتاج إلى دليل شرعي.


(١) الرد على الأخنائي (ص ١٧٧ - ١٧٨).

<<  <   >  >>