ولقولِه -عليه الصلاة والسلام- في تكفيرِ الصَّلواتِ الخمسِ والجُمُعَةِ ما بينهما (٢) إذا اجْتُنِبَتِ الكبائرُ (٣)؛ إذْ لو كانَ الكلُّ كبائرَ (٤) لم يَبْقَ بعدَ ذلك ما يُكفَّرُ، وفي الحديثِ:«الكَبَائِرُ سَبْعٌ»(٥)، وفي روايةٍ:«تِسْعٌ»(٦) وعدَّها، فلو كانَتِ الذُّنوبُ كلُّها كبائرَ لَمَا سَاغَ ذلك.
قالَ القَرَافِيُّ (٨): كأنَّهم كَرِهُوا تسميةَ مَعصيةِ اللهِ صغيرةً؛ إجلالًا له مع مُوافَقَتِهم في الجرحِ أنَّه ليسَ بمُطلَقِ المعصيةِ، بل منه ما يَقدَحُ ومنه ما لا يَقدَحُ، وإنَّما الخلافُ في التَّسميةِ فقطْ.
وما أحسنَ ما قال الكُورَانِيُّ في «شرحِ جَمْعِ الجوامعِ»: إنْ أَرادُوا إسقاطَ
(١) النِّساء: ٣١. (٢) في (د): بينها. (٣) رواه مسلم (٢٣٣) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «الصَّلَاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ». (٤) ليس في (د). (٥) رواه الطَّبرانيُّ في «الأوسط» (٥٧٠٩) مِن حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ. قالَ الهيثميُّ في «مَجمَعُ الزَّوائدِ» (١/ ١٠٤): رواه الطَّبرانيُّ في الأوسطِ، وفيه أبو بلالٍ الأشعريُّ، وهو ضعيفٌ. (٦) رواه أبو داودَ (٢٨٧٥)، والنَّسائيُّ (٤٠١٢)، والبيهقيُّ (١٠/ ١٨٦) مِن حديثِ عُمَيْرٍ اللَّيثيِّ -رضي الله عنه-. (٧) ينظر: «الفوائد السَّنية» للبِرماوي (٢/ ٦٧)، و «تشنيف المسامع» للزَّركشي (٢/ ١٠٠٢). (٨) «الفروق» (١/ ١٢١).