بَعْضِ مُسَمَّاهُ) أي: مُسَمَّى ذلك اللَّفظِ، كإطلاقِ العشرةِ على بعضِ آحادِها، يُقالُ له: عامٌّ، باعتبارِ آحادِه، وإنْ لم يَكُنْ عامًّا اصطلاحًا، فإذا قُصِرَ على خمسةٍ بالاستثناءِ منه قِيلَ: قد خُصِّصَ (كَعَامٍّ) أي: كما يُطلَقُ عامٌّ (عَلَى غَيْرِ لَفْظٍ عَامٍّ) كمسلمينَ للمَعهُودِينَ، نحوُ: جاءَني مُسلمونَ إلَّا زيدًا، فإنَّهم يُسَمُّون المُسلمينَ عامًّا والاستثناءَ منه تخصيصًا.
(وَيَجُوزُ) التَّخصيصُ:
(١)(مُطْلَقًا) أي: سواءٌ كانَ العامُّ أمرًا أو نهيًا أو خبَرًا عندَ الجمهورِ، واسْتُدِلَّ له بأنَّه استُعمِلَ في الكتابِ والسُّنَّةِ، نحوُ:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}(١)، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}(٢)، وفي الأمْرِ:{اقتلوا الْمُشْرِكِينَ}(٣)، وفي النَّهيِ:{لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}(٤)، فيَجوزُ التَّخصيصُ
(٢)(وَلَوْ لِـ) عامٍ (مُؤَكَّدٍ) فالعامُّ المُؤَكَّدُ إذا أُكِّدَ لا يُمنَعُ تَخصيصُه على الأصحِّ، بدليلِ: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ} (٥) إذا قُدِّرَ متصلًا، وفي الحديثِ:«فَأَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا أَبَا قَتَادَةَ»(٦).
(٣) إذا عَلِمْتَ ذلك فيُخَصَّصُ العامُّ (إِلَى أَنْ يَبْقَى) مِن أفرادِه (وَاحِدٌ) فقطْ على الصَّحيحِ، وحَكَى الجُوَيْنِيُّ (٧) إجماعَ أهلِ السُّنَّةِ على ذلك في: «مَن» و «ما» ونحوِهما، واستُدِلَّ لهذا القولِ لو امتنعَ ذلك لكانَ الامتناعُ: إمَّا لأنَّه مجازٌ، أو لاستعمالِه في غيرِ موضوعِه، فيَمتنِعُ تخصيصُه مُطلقًا.
(١) الرَّعد: ١٦. (٢) الأحقاف: ٢٥. (٣) التَّوبة: ٥. (٤) البقرة: ٢٢٢. (٥) الحجر. (٦) رواه البخاري (١٨٢٤)، ومسلم (١١٩٦) من حديث أَبِي قَتَادَةَ -رضي الله عنه-، قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَاجًّا، وَخَرَجْنَا مَعَهُ .. الحديث. (٧) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٦/ ٢٥٢٠)، و «شرح الكوكب المنير» (٣/ ٢٧٣).