قالَ في «شرحِ الأصلِ»: ما تَقَدَّمَ مِن الأحكامِ هو المحكومُ به، وما يُذكَرُ هنا هو المحكومُ فيه وهي الأفعالُ (١).
فـ (التَّكْلِيفُ) له معنيانِ: مَعنًى في اللُّغةِ، ومعنًى في الاصطلاحِ،
- فمَعناه (لُغَةً: إِلْزَامُ مَا) أي: شيءٍ (فِيهِ مَشَقَّةٌ) فإلزامُ الشَّيْءِ والإلزامُ به: هو تَصْيِيرُه لازمًا لغيرِه لا يَنْفَكُّ عنه مُطلقًا، أو وقتًا ما.
قَالَ الجَوْهَرِيُّ (٢): والكُلْفَةُ ما يُتَكَلَّفُ مِن نائبةٍ أو حقٍّ، وكَلَّفَه تكليفًا إذا أَمَرَه بما يَشُقُّ، والمَشَقَّةُ: لُحُوقُ ما يُستصعَبُ، قال اللهُ تَعالى:{لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}(٣).
- (وَ) مَعنى التَّكْلِيفِ (شَرْعًا: إِلْزَامُ مُقْتَضَى خِطَابِ الشَّرْعِ) فيَتَنَاوَلُ الأحكامَ الخمسةَ: الوجوبَ، والنَّدبَ الحاصلَينِ عن الأمرِ، والحظرَ، والكراهةَ الحاصلَينِ عن النَّهيِ، والإباحةَ الحاصلةَ عنِ التَّخييرِ إذا قُلْنَا إنَّها مِن خطابِ الشَّرعِ، ويَكُونُ مَعنى التَّكْلِيفِ في المباحِ: اعتقادَ كونِه مباحًا، أو اختصاصَ فعلِ المُكَلَّفِ بها دونَ فعلِ الصَّبيِّ والمجنونِ.
(وَالمَحْكُومُ بِهِ) على المُكَلَّفِ: (فِعْلٌ بِشَرْطِ إِمْكَانِهِ) أي: إمكانِ ذلك الفعلِ في الجملةِ، وقبلَ الشُّروعِ في المقصودِ، ونَذكُرُ شيئًا مِمَّا يَتَعَلَّقُ به.
قالَ ابنُ قاضى الجبلِ (٤): اختلَفَ النَّاسُ في تكليفِ ما لا يُطاقُ، للمسألةِ تَعلُّقٌ بالأصلينِ:
(١) «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١١٢٩). (٢) «الصِّحاح» (٤/ ١٤٢٣). (٣) النَّحل: ٧. (٤) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١١٣٠).