(الكِتَابِ) في الأصلِ: جِنْسٌ، وهو في عُرْفِ أهلِ الشَّرعِ:(القُرْآنُ) بدليلِ قولِه تَعالى: {إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى}(١)، بعدَ قولِه:{يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ}(٢)، والمسموعُ واحدٌ، والإجماعُ مُنعقِدٌ على اتِّحادِ اللَّفظينِ، فلا عِبْرةَ بمَن خالَفَ، فإنَّه خطأٌ.
(وَهُوَ) أي: القرآنُ: (كَلَامٌ) وهو أَوْلَى مِن اللَّفظِ؛ لأنَّ الكلامَ أَخَصُّ مِن اللَّفظِ، فهو جنسٌ قريبٌ، وأَوْلَى مِن القولِ، لمُوافقتِه القُرآنَ في قولِه:{فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}(٣)، ولم يَقُلِ:«الكلامَ» بالألفِ واللَّامِ؛ لأنَّ الحقيقةَ لا يُؤتَى فيها بِدَالٍّ (٤) على كَمِّيَّةٍ، وما بَعدَه الفصلُ المُخرِجُ لغيرِه، فخَرَجَ بقولِه:(مُنَزَّلٌ) ما يُقالُ مِن الكلامِ النَّفسيِّ.
وخَرَجَ بقولِه:(عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- ما نَزَلَ على غيرِه مِن الأنبياءِ، كصُحُفِ إبراهيمَ وشِيثٍ، وفي الحديثِ:«إِنَّ اللهَ تَعالى أَنْزَلَ مِئَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ» (٥).