قال البِرْمَاوِيُّ: والتَّحقيقُ ما قالَه ابنُ دقيقِ العيدِ (٢) أنَّها تَدُلُّ على التَّكرار كثيرًا، كما يُقالُ: كانَ فلانٌ يَقْرِي الضَّيفَ، ومنه: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ .. الحديثَ (٣).
ولمُجرَّدِ الفعلِ قليلًا من غيرِ تكرارٍ (٤) نحوُ: «كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقِفُ بِعَرَفَاتٍ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ»(٥)، وقولِ عائشةَ:«كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لِحِلِّهِ وَحُرْمِهِ»(٦). ولم يَقَعْ وُقوفُه بعرفةَ وإحرامُه وعائشةُ معَه إلَّا مرَّةً واحدةً (٧).
تنبيهٌ: لا يَلْزَمُ مِن التَّكرارِ عدمُ الانقطاعِ، فقد يَتَكَرَّرُ الشَّيْءُ ثمَّ يَنقطِعُ، نعمْ يَلْزَمُ بالضَّرورةِ مِن عدمِ الانقطاعِ التَّكرارُ، لكنْ لا قائلَ به.
(وَلَمْ تَدْخُلِ الأُمَّةُ بِفِعْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّ فِعلَه لا يَعُمُّ أقسامَه، فكذلك لا يَعُمُّ أُمَّتَه، فهو خاصٌّ به، سواءٌ كانَ واجبًا أو جائزًا، (بَلْ) تَدخُلُ الأُمَّةُ (بِدَلِيلٍ) خارجيٍّ:
(١) «التحبير شرح التحرير» (٥/ ٢٤٣٩). (٢) «إحكام الأحكام» (١/ ٢٣٠). (٣) رواه البخاريُّ (٦)، ومسلمٌ (٢٣٠٨) مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ … (٤) في (ع)، (د): نكير. والمثبتُ مِن «الفوائد السنيّة في شرح الألفيّة». (٥) رواه مسلمٌ (١٢١٨) ضمنَ حديثِ جابرٍ -رضي الله عنه- في الحجِّ. (٦) رواه البخاريُّ (١٥٣٩)، ومسلمٌ (١١٨٩). (٧) «الفوائد السنيّة في شرح الألفيّة» (٣/ ٤٣٤).