(بَابٌ)
(الِاجْتِهَادِ) افتعالٌ مِن الجُهدِ، وهو بضمِّ الجيمِ وفَتحِها الطَّاقةُ، وبفتحِها فقطْ المَشَقَّةُ، وهو (لُغَةً: اسْتِفْرَاغُ الوُسْعِ لِتَحْصِيلِ أَمْرٍ شَاقٍّ)، وإنَّما وُصِفَ الفعلُ بكونِه شاقًّا؛ لأنَّ الاجتهادَ مُختَصٌّ به (١) في عُرفِ اللُّغةِ؛ إذ يُقالُ: اجتهدَ الرَّجُلُ في حملِ الرَّحى ونَحوِها مِن الأشياءِ الثَّقيلةِ، ولا يُقالُ: اجتهدَ في حملِ خَرْدَلَةٍ ونَحوِها مِن الأشياءِ الخفيفةِ.
(وَ) مَعنى الاجتهادِ (اصْطِلَاحًا: اسْتِفرَاغُ الفَقِيهِ وُسْعَهُ) في طلبِ الظَّنِّ (لِدَرْكِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ) على وجهٍ يُحَسُّ مِن النَّفسِ العجزُ عَن المزيدِ عليه. واستفراغُ الوسعِ: أي: بذلُ الوسعِ وهو جنسٌ، وكونُ ذلك من الفقيهِ قيدٌ مُخرِجٌ للمُقلِّدِ.
وقولُه: «لدَرْكِ حكمٍ شرعيٍّ» احتِرازٌ (٢) من القطعِ (٣)، فإِنَّه لا اجتهادَ في القطعيَّاتِ. وقولُه: «حُكمٍ شرعيٍّ» قيدٌ (٤) مُخرِجٌ للحِسِّيَّاتِ والعقليَّاتِ ونحوِ ذلك.
فائدةٌ: الاجتهادُ يَنقسِمُ إلى ناقصٍ وتامٍّ، كما أشارَ إليه الطُّوفِيُّ (٥) بقولِه: والتَّامُّ منه ما انتهى إلى حالِ العجزِ مِن مزيدِ طلبٍ.
(١) ليس في «د».(٢) في «ع»: احترازًا.(٣) في «د»: القطعي.(٤) في «ع»: قيل.(٥) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٥٧٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute