راجعانِ إلى القيامِ، لا إلى البُنُوَّةِ الواقعةِ في المسنَدِ إليه، ولهذا قال مالكٌ وبعضُ الشَّافعيَّةِ: إذا شَهِدَ شاهدانِ أنَّ فلانَ بنَ فلانٍ وَكَّلَ فلانًا فهي شهادةٌ بالوكالةِ فقط، ولا تُنسَبُ إليهما الشَّهادةُ بالنَّسَبِ البتَّةَ.
قُلْتُ: وقواعدُ مَذهبِنا تَقتضي ذلك (١). انتهى.
قالَ الكُورَانِيُّ: لكنْ جَعَلَ الفقهاءُ هنا المقصودَ تَبَعًا كالمقصودِ أصالةً؛ لأنَّ تلك النِّسبةَ الإضافيَّةَ في قُوَّةِ الخبَريَّةِ (٢).
(وَمِنْهُ) أي: ومِن الخبَرِ ما هُوَ:
(مَعْلُومٌ صِدْقُهُ، و) ما هو معلومٌ (كَذِبُهُ، وَ) ما هو (مُحْتَمِلٌ) للصِّدقِ والكذبِ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه مُحتمِلٌ لهما؛ أي: مِن حَيْثُ ذاتُه، لكنْ قد يَعرِضُ له ما يَقتضي القطعَ بصِدقِه أو كذبِه.
(فَالأَوَّلُ) وهو الَّذِي يَقتضي القطعَ بصِدقِه أنواعٌ:
أحدُها: ما هو (ضَرُورِيٌّ بِنَفْسِهِ) أي: بنَفْسِ الخبَرِ، بتَكَرُّرِ الخبَرِ مِن غيرِ نظرٍ (كَمُتَوَاتِرٍ): وهو الَّذِي بَلَغَتْ رُواتُه حدَّ التَّواتُرِ سواءٌ كان لفظيًّا، أو معنويًّا، على ما يَأتي تفسيرُهما.