لا يَكُونُ في المعاني لا حقيقةً ولا مجازًا، فيَكونُ مِن عوارضِ المَعنى الذِّهنيِّ، أو غيرَ ذلك، وليسَ المُرادُ المعانيَ التَّابعةَ للألفاظِ، فإنَّه لا خلافَ في عمومِها؛ لأنَّ لفظَها عامٌّ، وإنَّما المُرادُ المعاني المُستقلَّةُ كالمقتَضَى والمفهومِ.
(وَلِلْعُمُومِ صِيغَةٌ تَخُصُّهُ) أي: موضوعةٌ له خاصَّةً به عندَ الأئمَّةِ الأربعةِ وغيرِهم وهو الصَّحيحُ، فعلى هذا هي:
(حَقِيقَةٌ فِيهِ) أي: في العُمومِ،
(مَجَازٌ فِي الخُصُوصِ) على الأصحِّ؛ لأنَّ العُمومَ أحوطُ، فكانَ أَوْلى، واستُدِلَّ لذلك بقولِ الإنسانِ:«لا تَضرِبْ أحدًا، وكلُّ مَن قال: كذا، فقلْ له: كذا» عامٌّ قطعًا، ولأحمدَ (١) وأبي داودَ (٢) على شرطِ الشَّيخينِ: أنَّ عمرَو بنَ العاصي أَجْنَبَ في غزوةِ ذاتِ السَّلاسلِ، فصَلَّى بأصحابِه ولم يَغتسِلْ لخَوفِه، وتَأَوَّلَ قولَه تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}(٣)، فذُكِرَ ذلك للنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فضَحِكَ ولم يَقُلْ شيئًا.