(وَنَفْيُ المُسَاوَاةِ: لِلْعُمُومِ) عندَ أصحابِنا، نحوُ قولِه تعالى:{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}(١)، وقولِه تعالى:{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ}(٢)، فمَن نَفَى العُمومَ في الآيتينِ لا يَمنَعُ قصاصَ المُؤمنِ بالذِّمِّيِّ، ولا ولايةَ الفاسقِ عقدَ النِّكاحِ، ولو قُتِلَ المسلمُ بالذِّمِّيِّ لثَبَتَ استواؤُهما، أو قُلْنا: إنَّ الفاسقَ يَلِي عقدَ النِّكاحِ؛ لاستوى مع المؤمنِ الكاملِ، وهو العدلُ.
تنبيهٌ: نفيُ المُساواةِ وما في مَعناها مِن الاستواءِ والتَّساوي والتَّماثُلِ والمُماثلةِ ونحوِ ذلك، سواءٌ فيه نفيُه في فعلٍ، نحوُ: لا يَستوي كذا وكذا، أو في اسمٍ، نحوُ (٣): لا مساواةَ بينَ كذا وكذا.
فَإِنْ قِيلَ: لو كانَ المفهومُ حُجَّةً لَما خُصَّ؛ لأنَّه مُستنْبَطٌ من اللَّفظِ كالعِلَّةِ، وأُجِيبَ بالمنعِ، وأنَّ اللَّفظَ بنَفسِه دَلَّ عليه بمُقتضى اللُّغةِ، فخُصَّ كالنُّطقِ.
قالَ الآمِدِيُّ: الخلافُ في أنَّ المفهومَ له عمومٌ لفظيٌّ؛ لأنَّ مَفهومَيِ المُوافقةِ والمُخالفةِ عامٌّ فيما سِوى المنطوقِ به بلا خلافٍ، فقولُه -صلى الله عليه وسلم-: «فِي سَائِمَةِ الغَنَمِ الزَّكَاةُ»(٤) يَقتضي مفهومُه سلبَ الحُكمِ
(١) الحشر: ٢٠. (٢) السَّجدة: ١٨. (٣) في (ع): مثل. (٤) رواه البخاري (١٤٥٤) ضمن حديث أنس الطويل في الزكاة ولفظه: وَفِي صَدَقَةِ الغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ .. الحديث.