والثَّالثُ: ما نُسِبَ الحُكْمُ فيه لذاتِه، وإنَّما تَعَلَّقَ في المعنى بفعلٍ اقتضاه الكلامُ، نحوُ:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}(٣) فإنَّ العُرفَ نَقَلَه إلى تحريمِ الأكلِ على العُمومِ.
وعمومُه بالعقلِ في ثلاثةِ أمورٍ:
أحدُها: ترتيبُ الحُكمِ على الوصفِ، نحوُ: حُرِّمَتِ الخمرُ للإسكارِ؛ فإنَّ ذلك يَقتضي أنْ يَكُونَ عِلَّةً له، والعقلُ يَحكُمُ بأنَّه كُلَّما وُجِدَتِ العلَّةُ وُجِدَ المعلولُ، وكُلَّما انتفتْ يَنتفي.
والثَّاني: مفهومُ المُخالفةِ عندَ القائلِ به، كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ»(٤) فإنَّه بمفهومه يَدُلُّ على أنَّ مطلَ غيرِ الغنيِّ عُمومًا لا يَكُونُ ظلمًا.
والثَّالثُ: إذا وَقَعَ جوابًا لسؤالٍ، كما لو سُئِلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عمَّن أفطرَ، فقال: عليه الكفَّارةُ. فيُعلَمُ أنَّه يَعُمُّ كلَّ مفطرٍ.
(فائدةٌ: سَائِرُ الشَّيْءِ بِمَعْنَى بَاقِيهِ) عندَ الأكثرِ، وعليه الاستعمالُ؛ فإنَّ «سائرَ» بمعنى «أَسْأَرَ»؛ أي: أَبْقَى، فهو مِن السُّؤْرِ، وهو البقيَّةُ، فلا يَعُمُّ.
(١) النِّساء: ١٠. (٢) الإسراء: ٢٣. (٣) المائدة: ٣. (٤) رواه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.