(وَ) تُطلَقُ السُّنَّةُ (شَرْعًا) على ما يُقابِلُ الفَرضَ ونحوِه مِن الأحكامِ، وربَّما لا يُرادُ بها إلَّا ما يُقابِلُ الفَرضَ، كفُروضِ الوُضوءِ وسُنَنِه، وتُطلَقُ على ما يُقابِلُ البدعةَ، فيُقالُ: أهلُ السُّنَّةِ، وأهلُ البدعةِ.
وتُطلَقُ على ما يُقابِلُ القُرآنَ (اصْطِلَاحًا) كما هنا، ومنه أحاديثُ وَرَدَتْ كثيرةٌ: منها ما في «صحيحِ مسلمٍ»(٢): «يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ» الحديثَ.
إذا عَلِمْتَ ذلك: فالسُّنَّةُ في اصطلاحِ علماءِ الأُصولِ مَحصورةٌ عندَ أكثرِهم في ثلاثةِ أشياءَ:
أحدُها:(قَوْلُ النَّبِيِّ) محمَّدٍ (٣) -صلى الله عليه وسلم- غَيْرُ الوَحْيِ) كالقُرآنِ، والأحاديثِ الإلهيَّةِ، فإنَّه لا يُقالُ فيه إنَّه مِن السُّنَّةِ، (وَلَوْ) كانَ قولُه أمرًا (بِكِتَابَةٍ) كما أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عليًّا بالكِتابةِ يومَ الحُدَيْبِيَةِ، وأَمَرَ بالكِتابةِ إلى الملوكِ، وقال -عليه السلام-: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاةٍ»(٤) يَعني الخُطبةَ الَّتي خَطَبَها، وغيرِ ذلك.
(وَ) الثَّاني: (فِعْلُهُ) -صلى الله عليه وسلم-، (وَلَوْ) كانَ الفِعلُ (بِإِشَارَةٍ) على
(١) آل عمران: ١٣٧. (٢) «صحيح مسلم» (٦٧٣) عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ -رضي الله عنه-. (٣) ليست في (ع). (٤) رواه البخاريُّ (٢٤٣٤)، ومسلم (١٣٥٥) من حديثِ أبي هريرة -رضي الله عنه-.