المُعَارَضِ بِهِ) وذلك كلُّه واضحٌ، ولكنْ لَمَّا كانَ له بعضُ تعلُّقٍ بهذا الموضعِ ذَكَرَه هنا، واللهُ أعلمُ.
القادحُ السَّادِسَ عَشَرَ: (التَّركِيبُ) أي: سؤالُ التَّركيبِ، وهو الواردُ على القِيَاسِ المُرَكَّبِ مِن مذهبَيِ المُستدلِّ والمُعتَرضِ المتقدِّمِ في شروطِ حُكمِ الأصلِ، (كَـ) قولِ المُستدلِّ فِي المرأةِ (البَالِغَةِ: أُنْثَى، فَلَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا) بِغَيْرِ وَلِيٍّ (كَبِنْتِ خَمْسَ عَشْرَةَ) سَنَةً، (فَالخَصْمُ) وهو الحنفيُّ (يَعْتَقِدُ) منعَ تزويجِها (لِصِغَرِهَا) لا لأُنُوثِيَّتِها، فاختلَفَتِ العِلَّةُ في الأصلِ، وإنَّما اتَّفَقَ صِحَّةُ هذا القِيَاسِ؛ لاجتماعِ عِلَّةِ الخصمينِ فيه، فيَتَرَكَّبُ (١) منهما. وتحقيقُ التَّركيبِ هاهنا هو أنْ يَتَّفِقَ الخصمانِ على حُكمِ الأصلِ، ويَختلفانِ في عِلَّتِه، فإذا أَلْحَقَ أحدُهما بذلك الأصلِ فرعًا بغيرِ عِلَّةِ صاحبِه، فالقِيَاسُ (صَحِيحٌ) لكنْ بناءً على تركيبِ حُكْمِ الأصلِ مِن عِلَّتَينِ.
مِثالُه في هذه الصُّورةِ: أنَّ أحمدَ والشَّافعيَّ رَحِمَهما اللهُ تَعَالَى يَعتقدانِ أنَّ بنتَ [خَمْسَ عَشْرَةَ] (٢) سَنَةً لا تُزَوِّجُ نَفْسَها لأُنوثَتِها، وأبو حنيفةَ يَعتقِدُ لصِغَرِها؛ إذِ الجاريةُ إِنَّمَا تَبْلُغُ عندَه لتسعَ عَشْرَةَ، أو لثمانِ عَشْرَةَ كالغلامِ، فالعِلَّتَانِ موجودةٌ فيها، والحُكمُ مُتَّفَقٌ عليه بناءً على ذلك، فإذا قالَ الحنبليُّ في البالغةِ: أُنثى، فلا تُزَوِّجُ نَفْسَها كبنتِ خَمْسَ عَشْرَةَ، انتظمَ القِيَاسُ بناءً على تركيبِ حُكْمِ الأصلِ بينَ الخصمينِ مِن العِلَّتَينِ وإسنادِ كلٍّ مِنهما إلى عِلَّتِه، ولهذا جازَ لأحدِهما منعُ صِحَّةِ القِيَاسِ لاختلافِ (٣) العِلَّةِ في الفرعِ والأصلِ، مثلُ أنْ يَقُولَ الحنفيُّ هاهنا للمُستدلِّ:
أنْتَ عَلَّلْتَ المنعَ في البالغةِ
(١) في «د»: فتركب.(٢) في «د»: خمسة عشر.(٣) ليس في «د».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute