(وَلَهُ اتِّصَالٌ بِالدِّمَاغِ) وقَطَعَ أَكثَرُ الأصحابِ عن أحمدَ: أنَّه في الدِّماغِ، ولم يَحكُوا عنه فيه خِلافًا.
(وَيَخْتَلِفُ مَا يُدْرَكُ بِهِ) أي: العَقلِ، وهو الفِكرُ والتَّمييزُ، فعقلُ بعضِ النَّاسِ أكثرُ مِن بعضٍ؛ لحديثِ أبي سعيدٍ أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ للنِّساءِ:«أَلَيْسَ شَهَادَةُ إِحْدَاكُنَّ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» قُلْنَ: بلى. قَالَ:«فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا»(٢).
ولأنَّ كمالَ الشَّيْءِ ونقصَه يُعرَفُ بكمالِ آثارِه وأفعالِه ونَقْصِها، ونحن نُشاهِدُ قَطْعًا تفاوتَ آثارِ العُقولِ في الآراءِ والحِكمِ والحِيَلِ وغيرِها، وذلك يَدُلُّ على تفاوُتِ العُقولِ في نَفسِها، وأجمعَ العُقلاءُ على صِحَّةِ قولِ القائلِ: فلانٌ أعقلُ مِن فلانٍ، أو أكملُ عقلًا، وذلك يَدُلُّ على ما قُلْنا.
و (لَا) يَختلِفُ ما يُدرَكُ (بِالحَوَاسِّ، وَلَا) ما يُدرَكُ بـ (ـالإِحْسَاسِ) بخلافِ العَقلِ، فإنَّه يَختلِفُ ما يُدرَكُ به، وتَقَدَّمَ.