ولفظُ المُحكَمِ مُفعَلٌ مِن أَحكَمْتُ الشَّيْءَ أُحْكِمُه إحكامًا فهو مُحْكَمٌ، إذا أَتْقَنْتَه فكانَ في غايةِ ما يَنبغي مِن الحكمةِ، ومنه: بناءٌ مُحكَمٌ؛ أي: ثابتٌ مُتقَنٌ يَبْعُدُ انهدامُه.
(وَعَكْسُهُ مُتَشَابِهٌ) مُتَفَاعِلٌ مِن الشَّبَهِ، والشِّبْهِ، والشَّبيهِ (١): وهو ما بَينَه وبينَ غيرِه أمرٌ مُشتَرَكٌ يَشتَبِهُ ويَلْتَبِسُ به، فهو غيرُ مُتَّضِحِ المَعنى فيَشتَبِهُ بعضُ مُحتملاتِه ببعضٍ:
(١) (لِاشْتِرَاكٍ) كالعَينِ والقُرءِ [ونَحوِهما مِنَ المُشتَركاتِ] (٢).
(٢) (أَو) يَشتبهُ لـ (إِجْمَالٍ) كإطلاقِ اللَّفظِ بدونِ بيانِ المرادِ منه، كالمُتواطِئِ، كقولِه تَعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (٣)، وكقولِه تَعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (٤) ولم يُبَيِّنْ مِقدارَ الحقِّ.
(٣) (أَو) يَشتبِهُ لـ (ظُهُورِ تَشْبِيهٍ، كَصِفَاتِ اللهِ تَعَالَى) أي: كآياتِ الصِّفاتِ وأخبارِها، فاشْتَبهَ المرادُ مِنه على النَّاسِ، فلذلك قال قومٌ بظاهِرِه؛ فشَبَّهُوا وجَسَّمُوا، وفَرَّ قومٌ مِن التَّشبيهِ؛ فتَأَوَّلُوا وحَرَّفُوا فعَطَّلُوا.
وتَوَسَّطَ قومٌ فسَلَّمُوا: فأَمَرُّوه كما جاءَ مع اعتقادِ التَّنزيهِ، فسَلِموا، وهم أهلُ السُّنَّةِ وأئمَّةُ السَّلفِ الصَّالحِ.
وقيل: المُحكَمُ: ما عُرِفَ المرادُ به: إمَّا بالظُّهورِ، وإمَّا بالتَّأويلِ، والمُتشابِهُ: ما اسْتَأْثَرَ اللهُ بعِلمِه، كقيامِ السَّاعةِ، وخروجِ الدَّجَّالِ، والدَّابَّةِ، والحروفِ المُقَطَّعَةِ في أوائلِ السُّورِ.
(١) في (ع): والتَّشبيه.(٢) ليست في «د».(٣) البقرة: ٦٧.(٤) الأنعام: ١٤١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute