النُّزولِ، والمجيءِ، والاستواءِ، والسَّمْعِ، والبصرِ، واليدِ وغيرِها، كما قالَه سَلَفُ هذه الأُمَّةِ الصَّالحُ مع إثباتِهم لها: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} (١)، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} (٢).
قالَ المُوَفَّقُ: فإذا كانَ حقيقةُ التَّكلُّمِ والمُناداةِ شيئًا واحدًا، وتَواتَرَتِ الأخبارُ والآثارُ به، فما إنكارُه إلَّا عنادٌ واتباعٌ للهوى المُجرَّدِ، وصروفٌ عنِ الحقِّ، وتركُ الصِّراطِ المستقيمِ. انتهى.
وحدُّ الصَّوتِ: ما يُتَحَقَّقُ سماعُه، فكلُّ مُتَحَقَّقٍ سَمَاعُه صوتٌ، وكلُّ ما لا يَتَأَتَّى سماعُه البتَّةَ لَيْسَ بصوتٍ، وحُجَّةُ الحدِّ كونُه مُطَّرِدًا مُنعكسًا.
وقولُ مَن قال: إنَّ الصَّوتَ هو الخارجُ مِن هواء بينَ جِرمينِ: فغيرُ صحيحٍ؛ لأنَّه يُوجَدُ سماعُ الصَّوتِ مِن غيرِ ذلك، كتسليمِ الأحجارِ، وتسبيحِ الطَّعامِ والجبالِ، وشهادةِ الأيدي والأرجُلِ، وحنينِ الجذعِ، وقد قَالَ اللهُ تَعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} (٣)، وقالَ تَعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} (٤)، وما لشيءٍ مِن ذلك منخرقٌ بينَ جِرمينِ.
وقد أَقَرَّ الأشعريُّ (٥) أنَّ السَّمواتِ والأرضَ {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} (٦) حقيقةً لا مجازًا، واللهُ أعلمُ.
وقالَ الشَّيخُ: ولا نزاعَ بينَ العلماءِ أنَّ كلامَ اللهِ لا يُفارِقُ ذاتَ اللهِ سبحانَه، وأنَّه لا يُبايِنُه كلامُه وَلَا شيءٌ مِن صفاتِه، بل لَيْسَ شيءٌ مِن صفةِ موصوفٍ
(١) يونس: ٣٢.(٢) النُّور: ٤٠.(٣) الإسراء: ٤٤.(٤) ق: ٣٠.(٥) «اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع» (ص ٣٦).(٦) فُصِّلَتْ: ١١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute