وقولُه:(لِذَاتِهِ): احتِرازٌ مِمَّا لو قارَنَ السَّببَ فقدانُ الشَّرطِ، أو وجودُ المانعِ، كالنِّصابِ قبلَ تمامِ الحَولِ، أو مع وجودِ الدَّينِ، فإنَّه لا يَلْزَمُ مِن وُجُودِهِ الوجودُ، لكنْ لا لذاتِه بل لأمرٍ خارجٍ منه وهو انتفاءُ الشَّرطِ ووجودُ المانعِ، فالتَّقييدُ بكَوْنِ ذلك لذاتِه للاستظهارِ على ما لو تَخَلَّفَ وجودُ المُسبَّبِ مع وُجدانِ السَّببِ لفقدِ شرطٍ، أو مانعٍ، كالنِّصابِ قبلَ الحَوْلِ كما تَقَدَّمَ، وعلى ما لو وُجِدَ المُسبَّبُ مع فُقدانِ السَّبَبِ، لكنْ لوجودِ سببٍ آخَرَ، كالرِّدَّةِ المُقتضيَةِ للقتلِ إذا فُقِدَتْ ووُجِدَ قتلٌ يُوجِبُ القصاصَ، فتَخَلَّفَ هذا التَّرتيبُ عنِ السَّببِ (٢) لا لذاتِه، بل لمعنًى خارجٍ كما تَقَدَّمَ.
إذا عَلِمْتَ ذلك، فالسَّببُ: هو الَّذِي يُضافُ إليه الحُكْمُ، (فَيُوجَدُ الحُكْمُ عِنْدَهُ لَا بِهِ) كقولِه تَعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ}(٣) إذ للهِ تَعالى في الزَّاني حُكمانِ:
أحدُهما: وجوبُ الرَّجمِ.
(١) «المصباحُ المُنيرُ في غريبِ الشَّرحِ الكبيرِ» (١/ ٢٦٢). (٢) في (د): المسبب. (٣) النُّور: ٢.