والثَّالثُ: ألَّا يَكُونَ مِن جوامعِ الكَلِمِ، كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ»(١)، و «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي»(٢)، و «لَا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ»(٣) ونحوِه مِمَّا لا يَنْحَصِرُ.
(فَـ) ـعلى هذا (ليسَ) الحديثُ (بِكَلَامِ اللهِ تعالى، وَهُوَ) أي: الحديثُ (وَحْيٌ) وإن لم يَجُزْ نَقْلُه بالمعنى فهو كلامُه، هذا (إِنْ رُوِيَ مُطْلَقًا) أي: مِن غيرِ تَبْيِينٍ أنَّ الله تعالى أَمَرَ، أو نَهَى، أو كانَ خبَرًا عنِ اللهِ تعالى.
(وَإِنْ بَيَّنَ) النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- في الحديثِ (أَنَّ اللهَ تعالى أَمَرَ) به
(١) رواه أبو داود (٣٥٠٨)، والترمذي (١٢٨٥)، والنسائي (٤٤٩٠)، وابن ماجه (٢٢٤٣) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وقال الترمذي: حسن صحيح. (٢) رواه الترمذي (١٣٤١) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، وضعّفه. وروى البخاري (٤٥٥٢)، ومسلم (١٧١١) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (٣) رواه ابن ماجه (٢٣٤٠، ٢٣٤١) من حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وابن عباس -رضي الله عنهم-. وحسَّنه النووي في «الأذكار» (ص ٣٥١)، وقال ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (٢٨٩٧): وقال ابن الصلاح: حسن. قال أبو داود: وهو أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه، وصححه إمامنا في حرملة.