وجزم ابن عبد البر بأنه أسلم قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يوماً (١)، كذا قيل.
قلت: وهذا ليس بشيءٍ؛ فقد ثبت في "الصحيحين": أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له في حجة الوداع:"استَنْصِتِ الناسَ"(٢).
وجزم الواقدي بأنه أسلم، ودخل على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان سنةَ عشر، وأنَّ بعثه إلى ذي الخَلَصَة كان بعد ذلك، وأنه وافى مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع من عامه (٣).
قلت: واعتمد هذا، وجزم به الحافظُ ابن الجوزي في "الوفا"(٤)، و"المنتخب" وغيرهما.
قال ابن الجوزي: روى جرير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مئة حديث.
والحاصل: تأخرُ إسلام جرير عن إنزال سورة المائدة على كلِّ قولٍ، والله الموفق.
وروى الإمام أحمد، من حديث عوف بن مالك الأشجعيِّ: أن
(١) انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (١/ ٢٣٧). (٢) رواه البخاري (١٢١)، كتاب: العلم، باب: الإنصات للعلماء، ومسلم (٦٥)، كتاب: الإيمان، باب: بيان معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض". (٣) انظر: "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (١/ ٤٧٥) قال الحافظ: وفيه عندي نظر؛ لأن شريكاً حدث عن الشيباني، عن الشعبي، عن جرير، قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أخاكم النجاشي قد مات ... " الحديث، أخرجه الطبراني، فهذا يدل على أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر؛ لأن النجاشي مات قبل ذلك. (٤) انظر: "الوفا بأحوال المصطفى" لابن الجوزي (٢/ ٧٥٣).