أَنْ يُعْطِيَهُ مُجَازَاةً عَلَى ذَلِكَ.
وَهَذَا الَّذِي مَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِذَا أَعْطَى مَالَهُ يَتَزَكَّى فِي مُعَامَلَتِهِ لِلنَّاسِ (١) دَائِمًا (٢) يُكَافِئُهُمْ وَيُعَاوِضُهُمْ وَيُجَازِيهِمْ، فَحِينَ إِعْطَائِهِ مَالَهُ يَتَزَكَّى لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى.
وَفِيهِ أَيْضًا مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْفَضْلَ بِالصَّدَقَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ مِنَ الْمُعَاوَضَاتِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢١٩] فَمَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مِنْ أَثْمَانٍ وَقَرْضٍ (٣) وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا يُقَدِّمُ الصَّدَقَةَ عَلَى قَضَاءِ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهَلْ تُرَدُّ صَدَقَتُهُ عَلَى قَوْلَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ لِلْفُقَهَاءِ فَهَذِهِ الْآيَةُ يَحْتَجُّ بِهَا مِنْ تُرَدُّ صَدَقَتُهُ (٤) ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَثْنَى عَلَى مَنْ آتَى مَالَهُ يَتَزَكَّى، وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ نِعْمَةً تُجْزَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْزِيَ بِهَا (٥) قَبْلَ أَنْ يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى، فَإِذَا آتَى مَالَهُ يَتَزَكَّى قَبْلَ أَنْ يَجْزِيَ بِهَا (٦) لَمْ يَكُنْ مَمْدُوحًا، فَيَكُونُ عَمَلُهُ مَرْدُودًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» " (٧) .
(١) س، ب: فِي مُعَامَلَةِ النَّاسِ.(٢) م: وَإِنَّمَا.(٣) ن: إِيمَانٍ وَفَرْضٍ، م، س: إِيمَانٍ وَقَرْضٍ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب)(٤) (٤ - ٤) : سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب)(٥) م: أَنْ يَجْزِيَهُ بِهَا.(٦) م: قَبْلَ أَنْ يَجْزِيَهُ بِهَا.(٧) الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي: الْبُخَارِيِّ ٣/١٨٤ (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ. . .) ، ٥/٦٩ (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ النَّجَشِ) ، ٩/١٠٧ (كِتَابُ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسَّنَةِ، بَابُ إِذَا اجْتَهَدَ الْعَامِلُ أَوِ الْحَاكِمُ) مُسْلِمٍ ٣/١٣٤٣ - ١٣٤٤ (كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ، بَابُ نَقْضِ الْأَحْكَامِ الْبَاطِلَةِ وَرَدِّ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٤/٢٨٠ (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي لُزُومِ السُّنَّةِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ١/٧ (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ تَعْظِيمِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّغْلِيظُ عَلَى مَنْ عَارَضَهُ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٦/١٤٦
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute